بحيرة الدماء الحمراء في تنزانيا
2019-01-08 - Tasneim - تنزانيا
تعد تنزانيا الشمالية موطنًا لكيان مائي دموي قرمزي اللون جميل يعرف ببحيرة ناترون ، وبجانب ألوانها المتعددة المدهشة تحتوي المياه أيضًا على تركيز عالٍ من الأملاح الطبيعية مما يجعلها قلوية للغاية حيث يصل أُسُّها الهيدروچيني إلى ١٠.٥ .
سبب لون المياه الدموي
إذن ما الذي يجعل لون البحيرة يتحول إلى اللون الأحمر الداكن وتصبح المياه حارقة كالأمونيا ؟ أن الأمر برمته يرجع إلى چيولوچيا المنطقة ولا سيما بركانيتها .
حيث تقع البحيرة على بعد ٢٠ كم تقريبًا شمال جبل أولدوينيو لنغاي وهو عبارة عن بركان نشط يبرز عن السهل المحيط به ، ويعد أولدوينيو لنغاي هو البركان الوحيد على الإطلاق الذي أطلق لاڤا الكربوناتيت (التي تحتوي على القليل من السيليكا وغنية بالمعادن الكربوناتية) في التاريخ البشري ، وهو أكثر تشابهًا لـ الصخور الرسوبية من الناحية الكيميائية مقارنة بغيره من اللاڤا (المكونة من السيليكا بالدرجة الأولى) .
ومن ثم تتدفق مقذوفات البركان وتسقط وتتدحرج وتندفع خلال الشقوق حتى تصل إلى البحيرة لتمدها بالكثير من الأملاح القلوية وغيرها من المواد .
أما عن المياه فإن بحيرة ناترون يتم إمدادها بشكل رئيسي بواسطة نهر Ewaso Ng’iro River الجنوبي والينابيع الساخنة الغنية بالمعادن التي يمدها بركان أولدوينيو لنغاي ، وتؤدي المعادن والأملاح الناتجة عن تلك العملية -لا سيما كربونات الصوديوم- إلى رفع الأس الهيدروچيني لمياه بحيرة ناترون عن ٧ -وهو الأس المتعادل للماء- بكثير .
الحياة البيئية على البحيرة
الكائنات الحية المجهرية الموجودة في البحيرة
إن كل الظروف السابقة مواتية للملحاوات العصوية holoarchaea وهي فئة من الكائنات الحية المجهرية تنمو في البيئات المالحة ، وأثناء تكاثرها تعكس الملحاوات العصوية على الماء لونها الأحمر .
وتدوم المواسم الممطرة في تلك المنطقة من شهر مارس إلى مايو ، وقد التقط القمر الصناعي لناسا صورًا رائعة للبحيرة في مارس ٢٠١٧ عندما كان مستوى الماء فيها منخفضًا وكانت المستنقعات الملحية ملونة للغاية .
الطيور المتواجدة
لا تستطيع معظم الحيوانات تحمل درجة ملوحة وقلوية مياه بحيرة ناترون ، وعلى الرغم من ذلك تعد البحيرة موطنًا لبعض السلالات التي تمكنت من التكيف وتحمل الظروف الكيميائية القاسية ، حيث تخيم أسراب الطيور عادةً على سواحل البحيرة ويتحدى السمك البنطي مياهها المالحة .
كما أن طيور البشروس ” الفلامنجو ” بشكل خاص تفضل تلك المنطقة كمكان للتعشيش خلال فصل الجفاف إذ أن القنوات الشبيهة بالخنادق والمياه القاسية تمثل حصنًا مثاليًا لها ضد الحيوانات المفترسة .
المناخ
إن المناخ هناك جاف ، حيث تتلقى البحيرة في عام “اللا-نينيو” أقل من ٥٠٠ ملم من المطر ، وعادةً ما يتجاوز التبخر تلك الكمية ، لذا تعتمد البحيرة على مصادر أخرى -مثل نهر Ewaso Ng’iro في الطرف الشمالي- لتحصل على إمداد من الماء خلال موسم الجفاف .
إلا أن كيمياء البحيرة الغريبة ترجع إلى بركانية الإقليم ، حيث تنتج البراكين مثل بركان أولدوينيو لنغاي خليطًا منصهرًا من أملاح كربونات الصوديوم و كربونات الكالسيوم الذي يتحرك خلال الأرض ليصب في أكثر من ٢٠ ينبوعًا ساخنًا التي تصب في النهاية في البحيرة ، ولكن تلك البحيرة تعد سلاحًا ذا حدين وهو ما تؤكده طيور الفلامنجو .