Noraan Admin
عدد المساهمات : 4596 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: أين الصديق الوفي اليوم ؟ الأحد نوفمبر 27, 2016 10:16 am | |
| أين الصديق الوفي اليوم ؟ قال أبو حامد العلوي : خرج أعرابي من بني هلال من قريته إلى أطراف الشام . فقيل له : من تركت في القرية ؟ قال : تركت والداً و والدة و أختاً و ابن عم و بنت عم و عشيقاً و صديقاً . فقيل له : و كيف حنينك إليهم ؟ فقال : أما حنيني إلى والدي ، فللتعزز به ، فإن الوالد ناصر و معين و ركن يتقوى به و ملجأ يؤوى إليه . و أما حنيني إلى الوالدة ، فللشفقة المعهودة منها و لدعائها الذي يستجيب الله تعالى له . و أما حنيني إلى الأخت ، فلحفظها و زيارتها . و أما حنيني إلى ابن العم ، فللمعاونة له و الانتصار به . و أما حنيني إلى بنت العم ، فلصلة الرحم و الرقة و العطف عليها ، أو أصلها بمن يكون لها كفؤاً و يكون لنا حسيباً و قريباً . و أما حنيني للعشيق ، فذاك أجده بالفطرة و الارتياح الذي أجده عنده . و أما حنيني للصديق ، فشوقي له يفوق كل من سبقه ، لإني أحدثه بكل ما أجلّ أبي عنه ، و أتوارى عنه من أمي ، و أطويه عن أختي خجلاً منها ، و أداريه عن ابن عمي خوفاً من حسد يخرب بيننا ، و أكني عن بنت عمي بغيرها ، و أما العشيقة فأبذل جهدي معها و أخلط الصدق بالكذب لأفوز بها بحظ وافر من النظر و تحفة الحديث . و كل هؤلاء مع شرف موقعهم مني و انتسابهم إليّ ، أقل من الصديق الذي يباح له كل المحرم على غيره ، أرى الدنيا بعينه و إذا فاتني شيء أجده عنده ، إذا نظرنا إلى بعضنا دون الكلام فكأنما نشرب كأس المحبة ، و إذا صمتنا تتكلم قلوبنا بلسان الثقة و الحب ، و إذا غاب عني يكون حافظاً للغيب و إذا اجتمعنا يكون ساتراً للعيب . فقيل له : هل وصلتك أخبار عنهم ؟ قال : نعم ، أتاني بعض شباب القرية ، فسألتهم عن الأهل و القرابة فذكروا لي طيب أخبارهم و رغد عيشهم ، فلما سألتهم عن الصديق ، قالوا : ليس له شأن سواك ، إذا نادى يكون النداء بإسمك ، و إذا حضر مجلس القرية فكأنما يتحدث بلسانك ، و لا يذكر إلا جودك ، لا يمر بمنزلك إلا وسلم عليه ، و لا بمكان كان معك فيه إلا جلس فيه يتذكرك معه ، فقلت لهم : كفوا عني فلقد أشعلتم النار في صدري ، و لن أكون متمتعاً بالعيش هنا دون أن أذهب إليه . فقال أبو حامد : فركب الأعرابي راحلته راجعاً إلى قريته و ترك كل ما لديه . تحياتي للجميع .. | |
|