متى نزلت سورة الفاتحة
القرآن الكريم
يُعرّف القرآن الكريم بأنّه: كلام الله تعالى المنزَّل على عبده ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم، المعجز بأقصر سورةٍ منه، المتعبد بتلاوته حروفًا ومعانيَ، والمبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، وهو الكتاب الذي حفظه الله تعالى من التحريف والتغيير، وميّزه بأن حفظه في صدور المؤمنين حروفاً وحدوداً، قال تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)،[١] ولقد أنزل الله كتابه الكريم بواسطة روح القدس جبريل عليه السلام إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فعلّمه إيّاه وتدارسه معه كلّ عامٍ، وقد رغّب الله تعالى عباده بحفظ القرآن الكريم وتعلّمه وتدبّره؛ بُغية فهمه وتطبيقه على الوجه الذي يرضيه تعالى، وكان ممّا رغب في ذلك قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه)،[٢] وقال -صلّى الله عليه وسلّم- بما يفسّر القول بأنّ القرآن الكريم متعبّد بتلاوته: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقول ألم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حَرفٌ، وميمٌ حَرفٌ).[٣][٤]
وقت نزول سورة الفاتحة
سورة الفاتحة هي أوّل سورة في ترتيب سور القرآن الكريم، ولها عدّة أسماءٍ، وتمتاز بالكثير من الفضائل التي اختصّها الله تعالى بها عن سائر سور القرآن، ولقد اختلف العلماء في تحديد وقتٍ دقيقٍ لنزول سورة الفاتحة؛ فقيل إنّها نزلت في مكّة، وقيل في المدينة المنورة، وقيل نزلت مرّتين مرّة في مكّة ومرة في المدينة؛ ولذلك سمّيت سورة المثاني، ولكنّ أرجح الأقوال أنّها سورة مكّيّة، والدّليل على ذلك أنّ آية وردت في سورة الحجر هي : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)،[٥] والمقصود بالسّبع المثاني سورة الفاتحة، وسورة الحجر سورةٌ مكيّة بلا خلاف؛ فاستدلّ بذلك على أنّ سورة الفاتحة سورةٌ مكيّةٌ.[٦] وقد ورد في سبب نزول سورة الفاتحة أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- كان إذا سمع منادياً يناديه من الملائكة ينطلق هارباً، فأخبره ورقة بن نوفل أن يثبت ويجيب الداعي، فأتاه الداعي فناداه، فقال له رسول الله عليه السّلام: لبيك، فلقّنه المنادي الشّهادتين، ثمّ قرأ عليه سورة الفاتحة،[٧] ولسورة الفاتحة أسماءٌ عديدةٌ، لكلّ واحدٍ منها معناه الخاصّ، فمن أسماء سورة الفاتحة:[٦] سورة الفاتحة؛
وذلك لأنّها في أول القرآن الكريم يستفتح بها من أراد تلاوة القرآن الكريم.
سورة أم الكتاب؛
وفي ذلك قال البخاري رحمه الله: وسمّيت أمّ الكتاب؛ لأنّه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة أمّ القرآن
والسبع المثاني؛
وفي ذلك قال صلّى الله عليه وسلّم: (أمُّ القرآنِ هي السبعُ المثاني والقرآنُ العظيمُ).[٨] سورة الصّلاة؛ فقد قال -عزّ وجل- في الحديث القدسيّ: (قسمتُ الصَّلاةَ بيني وبينَ عبدي نصفينِ، ولعبدي ما سألَ)،[٩] والنصفان هما: الدعاء من العبد والحمد والثناء الوارد في سورة الفاتحة، وإجابة الله تعالى ذلك وقبوله.
سورة الرّقية؛
فقد أوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين أن يرقوا أنفسهم ومرضاهم بها.
موضوعات سورة الفاتحة
شملت سورة الفاتحة الموضوعات الرئيسية لأغراض القرآن الكريم، فكان ممّا جاء في سورة الفاتحة ما يأتي:[٦]
التوحيد بأنواعه؛
وهي توحيد الربوبية والألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، وذلك في قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).[١٠]
ذكر اليوم الآخر؛ وهو اليوم الذي يقف فيه العباد بين يدي ربّهم يوزن لهم أعمالهم ويقرر فيه مصيرهم، وذلك في قوله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).[١١]
عبادة الله سبحانه، ويدخل في ذلك العبادة بمفهومها الواسع؛ من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ، وجهادٍ وأمرٍ بالمعروف ونهي عن المنكر، وذلك في قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ).[١٢]
الاستعانة بالله وحده وإرجاع جميع شؤون العبد إلى الله تعالى، وحكمته، وذلك في قوله تعالى: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).[١٢]
الالتزام والثّبات على الصّراط المستقيم؛ فالالتزام بالصراط المستقيم له فضلٌ عظيمٌ عند الله تعالى يعطيه لمن يشاء من عباده، والصراط المستقيم هو طريق الأنبياء والرّسل جميعهم من آدم -عليه السلام- حتى النبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم، والآية التي تشير إلى ذلك قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).[١٣]
تمنّي صراط المنعّمين وأهل الفوز والفلاح؛ فهو الصّراط الذي يسأل العبد أن يهديه الله تعالى إليه. تجنّب صراط أهل الخسران في الآخرة، كما في ختام السورة الكريمة؛ بالدّعاء بتجنب صراط المغضوب عليهم والضالين، وهم: اليهود والنّصارى.
مقاصد سورة الفاتحة
شملت سورة الفاتحة على خمسة مقاصد رئيسيّة ذكرتها آياتها السّبع، وهذه المقاصد
هي:
[١٤] بيان الدين بعقائده وأحكامه؛ وذلك في ما ذكره وبلّغه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأمر بإتيانه والعمل به.
المتشابه الذي كلّف الله تعالى عباده بالإيمان به دون بحثٍ فيه.
إرشاد الله تعالى ووعده عباده بتحصيل الفضل والطمع في بلوغ الأجر.
الوعيد والتّخويفٌ من العذاب في اليوم الآخر.
القصص، وهو ما أخبر به من قصص من قد سلف؛ للعبرة والعظة.
فضائل سورة الفاتحة
خصّت سورة الفاتحة بكثيرٍ من الفضائل وبمكانة عظيمة أوردتها أحاديث نبويّة، فمن فضائل هذه السّورة ما يأتي:
[٦] لا مثيل لسورة الفاتحة في القرآن الكريم كاملاً؛ فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (والَّذي نفسي بيدِهِ ما أنزِلَتْ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفرقانِ مثلُها وإنَّها سبعٌ منَ المثاني والقرآنُ العظيمُ الَّذي أُعطيتُهُ).[١٥]
وصف سورة الفاتحة بأعظم سور القرآن الكريم؛ فقال صلّى الله عليه وسلّم: (لأعلِّمنَّك أعظمَ سورةٍ من القرآن) قال: (الحمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ)، هي السبعُ المثاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه).[١٦]
سورة الفاتحة نورٌ؛ فعندما نزلت سورة الفاتحة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أتاه ملك من السماء، فقال له: (أبشِرْ بنوريٍنِ أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك؛ فاتحةُ الكتابِ وخواتيمُ سورةِ البقرةِ، لن تقرأَ بحرفٍ منهما إلا أُعطيتَه).[١٧]
سورة الفاتحة رقيةٌ وعلاجٌ من الأسقام والأوجاع؛ فقد أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه -رضي الله عنهم- أن يرقوا أنفسهم بقراءة سورة الفاتحة على أوجاعهم.
كتابة سناء الدويكات - آخر تحديث: ١٢:١٧ ، ٤ يوليو
٢٠١٨
المصدر : الموضوع