عدد المساهمات : 4596 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
موضوع: قصة الأذان … شعيرة الإسلام والمسلمين الأحد يناير 28, 2018 3:15 pm
قصة الأذان … شعيرة الإسلام والمسلمين
كان المسلمون يصلون خفية في شعاب مكة وقت الضعف والاضطهاد، وبعد هجرة الحبيب ﷺ إلى المدينة واستقراره بها بنى مسجده المبارك، واجتمع شمل المهاجرين والأنصار، وارتفع لواء الإسلام، وأصبح المسلمون يجتمعون في المسجد للصلاة، وكانوا يأتون وقت الصلاة بدون إعلام فيصلون وينصرفون.
قصة الأذان:
تشاور رسول الله ﷺ مع أصحابه لإيجاد شيء يُعْلِم الناس بدخول الوقت لأداء الصلاة، فقال بعضهم نرفع راية إذا حان وقت الصلاة ليراها الناس، فاعترضوا على هذا الرأي بأنه لا يفيد النائم ولا ينبه الغافل. وقال آخرون نشعل ناراً على مرتفع من الهضاب، فلم يقبل هذا الرأي أيضاً.
وأشار آخرون ببوق وهو ما كانت اليهود تستعمله لصلواتهم، فكرهه الرسول ﷺ لأنه كان يحب مخالفة أهل الكتاب في أعمالهم. وأشار بعض الصحابة باستعمال الناقوس وهو ما يستعمله النصارى فكرهه الرسول ﷺ أيضاً، وأشار فريق آخر بالنداء، فيقوم بعض الناس إذا حانت الصلاة وينادي بها فقبل هذا الرأي.
كلمات الأذان
ثم تشرف برؤية الأذان في المنام أحد الصحابة الأخيار، وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه ـ رضي الله عنه ـ، فأقره النبي ﷺ، وقد وافقت رؤياه رؤيا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ، والقصة بكاملها مروية في كتب السنة والسيرة.
عن أبى عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال: ﴿ اهتم النبي ﷺ للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك. قال: فذكر له القنع، يعنى الشبور (ما ينفخ فيه لإحداث الصوت)، وقال زياد: شبور اليهود، فلم يعجبه ذلك وقال: هو من أمر اليهود. قال: فذكر له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى.
فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو مهتم لِهَمِّ رسول الله ﷺ فأُرِىَ الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله ﷺ فأخبره، فقال له: يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما. قال : ثم أخبر النبي ﷺ، فقال له: ما منعك أن تخبرني؟!، فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت، فقال رسول الله ﷺ: يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله، قال: فأذن بلال .. ﴾ ( أبو داود )..
دعاء بعد الأذان
وكان بلال بن رباح ـ رضي الله عنه ـ أحد مؤذني رسول الله ﷺ بالمدينة، والآخر عبد الله بن أم مكتوم ـ رضي الله عنه ـ، وكان بلال يقول في أذان الصبح بعد حيّ على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين، وأقرّه الرسول ﷺ عليها، وكان يؤذن في البداية من مكان مرتفع ثم استحدثت المنارة (المئذنة) بعد ذلك.
قال ابن حجر: ” قال القرطبي وغيره: الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة، لأنه بدأ بالأكبرية: وهي تتضمن وجود الله ﷻ وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد ﷺ، ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول ﷺ، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً، ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت، والدعاء إلى الجماعة، وإظهار شعائر الإسلام”.
هذه هي قصة الأذان الذي ينطلق به صوت المؤذن خمس مرات في اليوم والليلة في أرجاء الدنيا كلها، ولا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلاَّ شهد له يوم القيامة، كما أخبرنا بذلك النبي ﷺ.
وفي هذا الحدث من أحداث السيرة النبوية عِبَر كثيرة منها: أن رؤيا المؤمن صالحة وتحمل البشرى له ولمن رؤيت له، وهدي رسول الله ﷺ في مخالفة اليهود والنصارى ومشروعية ذلك، وبيان أن المؤذن صاحب الصوت الندي أولى بالأذان من غيره، وفضل بلال ـ رضي الله عنه ـ وأنه أول مؤذن في الإسلام.
لا يُرد الدعاء بين الأذان والإقامة
صفة الأذان والإقامة:
الأذان الذي استمر عليه بلال بين يدي رسول الله ﷺ هو ما ثبت من حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه، وصفته: ﴿الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله﴾. ويقول في أذان الفجر بعد حي على الفلاح: ﴿الصلاةُ خيرٌ مِنَ النوم، الصلاةُ خيرٌ من النوم﴾.
والإقامة (إقامة الصلاة) في هذا الحديث: ﴿الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قد قامت الصلاةُ، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله﴾.
آداب من سمع الأذان:
– الترديد خلف المؤذن:
إن الترديد وراء المؤذن يعد من القربات والطاعات التي غفل عنها الكثير من الناس لما ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رَضِي اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال : ﴿إذا سمعتم النداء فقولوا كما يقول المؤذن﴾. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، يقول مثل المؤذن تماما ماعدا عند حي على الصلاة وحي على الفلاح فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله.
– الصلاة على النبي ﷺ والدعاء بعد الأذان:
للحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنه سمع النبي ﷺ يقول: ﴿إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. ثم صلوا علي. فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. ثم سلوا الله ﷻ لي الوسيلة. فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله. وأرجو أن أكون أنا هو. فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة﴾. رواه مسلم.
وصيغة الدعاء
” عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال: ﴿من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة﴾. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
مؤذن يرفع الأذان
آداب المؤذن:
يكون المؤذن متطهرًا، ويتمهل في ألفاظ الأذان، ويسرع في الإقامة، ويكون ذلك جزمًا، ويؤذن على موضعٍ عالٍ، قائمًا، مستقبل القبلة.
شروط المؤذن والأذان:
الأذان له شروط تتعلق به، وشروط تتعلق بالمؤذن على النحو الآتي:
– أن يكون الأذان مرتبًا، وهو أن يبدأ بالتكبير ثم التشهد، ثم الحيعلة، ثم التكبير، ثم كلمة التوحيد، فلو نكس الأذان أو الإقامة لم يجزِ؛ لأن الأذان عبادة ثبتت على هذا الترتيب.
– أن يكون متواليًا، بحيث لا يفصل بعضه عن بعض بزمن طويل، وأما لو أصابه عطاس فإنه يبني على ما سبق؛ لأنه انفصل بدون اختياره.
– أن يكون بعد دخول وقت الصلاة.
– أن لا يكون فيه لحن يغيِّر ويحيل المعنى، وهو مخالفة القواعد العربية، فلو قال: (الله أكبار)، فهذا لا يصح لأنه تغير المعنى، وهذا يقال له: (مَلْحونًا)، أما ما يقال له: (مُلَحنًا) فمكروه.
– رفع الصوت بالأذان.
– أن يكون الأذان على العدد الذي جاءت به السنة بلا زيادة ولا نقص.
– أن يكون الأذان من واحدٍ، فلا يصح من اثنين، فلو أذن واحد بعض الأذان وكمله آخر لم يصح.
– أن يكون الأذان بنية من المؤذن.
– أن يكون المؤذن مسلمًا.
– أن يكون المؤذن مميزًا.
– أن يكون عاقلاً.
– أن يكون ذكَرًا.
– أن يكون عدلاً.
ضوابط الأذان:
– أن يكون الأذان بصوت جهوري جميل ويترسل فيه فيسكت قليلاً بين كل فقرة.
– أن ينتظر المؤذّن فترة تتراوح بين العشر دقائق والرّبع ساعة ليتسنّى للمسلمين التّجمّع لأداء الصّلاة ثم يقيم المؤذّن الصلاة.
– يستحب أن يستقبل المؤذن أو مقيم الصلاة القبلة، فإذا بلغ إلى قوله: “حي على الصلاة”، حول وجهه نحو اليمين، وإذا بلغ إلى قوله: “حي على الفلاح”، حول وجهه نحو اليسار.
– يستحب على المؤذن والمقيم أن يكونا على وضوء.
– لا يجوز الأذان قبل دخول الوقت، فأن فعل ذلك عليه الإعادة في الوقت المحدد.
– إذا قضى (شخص) عدة فرائض في مكان واحد، يكفيه أذان واحد، ويقيم لكل صلاة فائته.
– لا يؤذن ولا يقام لصلاة الجنازة، ولا لصلاة العيد، ولا لوتر، ولا لنافلة.
ثبت في فضائل الأذان والمؤذنين نصوص كثيرة، منها الفضائل الآتية:
– المنادي من الدعاة إلى الله ﷻ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالـِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْـمُسْلِمِينَ﴾.
– المؤذِّنون أطول أعناقًا يوم القيامة؛ لحديث معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ﴿المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة﴾.
– يطرد الشيطان؛ لحديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: ﴿إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان له ضُراط حتى لا يسمع التأذينَ، فإذا قُضِيَ النداءُ أقبل حتى إذا ثُوِّب للصلاة أدبَرَ،حتى إذا قُضِيَ التَّثْويبُ أقبلَ حتى يَخطُرُ بين المرء ونفسه،يقول له: اذكر كذا واذكر كذا لما لم يكن يذكر من قبل،حتى يظلَّ الرجلُ لا يدري كم صلى﴾.
– لو يعلم الناس ما في النداء لاستهموا عليه؛ لحديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: ﴿لو يعلمُ الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا﴾.
– لا يسمع صوت المؤذِّن شيء إلا شهد له، قال أبو سعيد الخدري لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري: ﴿إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمعُ مدى صوت المؤذّن جنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد:سمعته من رسول الله ﷺ﴾.
– يُغفر للمؤذن مدى صوته وله مثل أجر من صلى معه؛ لحديث البراء بن عازب رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أن نبي الله ﷺ قال: ﴿إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدَّم، والمؤذنُ يغفرُ له بمدِّ صوته، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابسٍ وله مثلُ أجر من صلى معه﴾.
– دعاء النبي له بالمغفرة؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: ﴿الإمام ضامنٌ، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين﴾.
– الأذان تُغفر به الذنوب ويُدخِل الجنة؛ لحديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ﴿يعجب ربكم من راعي غنمٍ في رأس شظيَّة بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله ﷻ انظروا إلى عبدي هذا يؤذنُ ويقيمُ يخاف مني، فقد غفرتُ لعبدي وأدخلته الجنة﴾.
– من أذَّن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة؛ لحديث ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أن رسول الله ﷺ قال: ﴿من أذَّن ثنتَي عشرةَ سنةً وجبتْ له الجنة، وكُتِبَ لهُ بِكُلِّ أذانٍ ستونَ حَسَنةً، وبِكُلِّ إقامةٍ ثلاثونَ حسنةً﴾.
– المؤذِّن خيار عباد الله؛ لحديث ابن أبي أوفى: أن النبي ﷺ قال: ﴿إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم لذكر الله﴾.
– المؤذِّن إذا أذَّن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يُرى طرفاه؛ لحديث سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله ﷺ: ﴿إذا كان الرجل بأرض قِيّ، فحانت الصلاة، فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمّم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يُرى طرفاه﴾.
شاهد فيديو لمؤذن يرفع الأذان بصوت مؤثر جدا (مدة الفيديو 3 دقائق و 30 ثانية):