| النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان (ثلاثون درساً) | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان (ثلاثون درساً) الإثنين أبريل 30, 2018 4:40 pm | |
| النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان (ثلاثون درساً) تأليف
الفقير إلى عفو ربه محمد بن شامي شيبه ******مقدمةالحمد لله وحده واشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه واقتفى اثره الى يوم الدين.أما بعد... فقد يسر الله لي ان اكتب هذا الكتيب في (هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان) وقد بلغ ثلاثين درساً بحيث وضعت عنواناً لكل درس من هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك وبعض الدروس في الصيام مطلقاً ثم وضعت بعضاً من التوجيهات على ذلك الهدي النبوي.وهذه الدروس والتوجيهات كلها قد دل عليها الدليل الشرعي من القران او من السنة النبوية الصالحة للإحتجاج حيث انها احاديث صحيحة او حسنة وما كان خلاف ذلك فقد بينته وهذا الكتيب سميته (النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان) ويصلح لقرأئته على الناس في المساجد في رمضان او في المجالس او في البيوت ليسيير المسلم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان وفي صيامه.واسأل الله جل وعلا ان ينفعني بهذا الكتيب وان ينفع به مَنْ قرأه او قام بتدريسه او طباعته او نشره او استماعه متأسيا بما فيه.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.المؤلف الفقير الى الله محمد بن شامي بن مطاعن شيبه بيش 26/ 8 / 1434هـجوال 0504577218
شهـر رمضان المبارك :: دروس شَهْر رَمضان دروس فضيلة الشيخ: سلمان بن فهد العودة
الناس في استقبالهم لرمضان
| الوقفة الثانية الناس في استقبالهم لرمضان ================ إن الناس في استقبالهم لرمضان على صنفين: الصنف الأول: الذين يفرحون بهذا الشهر، ويسرون لقدومه.
وذلك لأسباب: أولاً: أنهم عودوا أنفسهم على الصيام، ووطنوها على تحمله، ولهذا جاء في السنة النبوية استحباب صيام أيام كثيرة: كصيام الاثنين، والخميس، وأيام البيض، ويوم عرفة لغير الحاج، ويوم عاشوراء مع يوم قبله أو يوم بعده، وصيام شعبان…، وغير ذلك من أنواع الصيام المستحب، الذي شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته؛ ليعتادوا الصوم، ويتزودوا من التقوى.
وأثر ذلك واضح في الواقع؛ فإنك تجد الذي يصوم النفل - أيام البيض على الأقل- لا يستثقل صيام رمضان؛ بل هو عنده أمر طبعيّ، لا كلفة فيه ولا عناء، وأما الذي لا يصوم شيئًا من النافلة، فإن رمضان يكون عليه ثقيلاً شاقًا.
ولقد كان السلف مثالاً رائعًا في الحرص على النوافل، وروي عنهم في ذلك قصص عجيبة...
ومن ذلك: أن قومًا من السلف باعوا جارية لهم لأحد الناس، فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان المطعومات والمشروبات؛ لاستقبال رمضان – كما يصنع كثير من الناس اليوم-، فلما رأت الجارية ذلك منهم، قالت: لماذا تصنعون ذلك؛ قالوا: لاستقبال شهر رمضان. فقالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟! -واللهِ- لقد جئت من عند قوم السنةُ عندهم كأنها كلها رمضان، لا حاجة لي فيكم، ردوني إليهم. ورجعت إلى سيدها الأول.
وكان لدى الحسن بن صالح جارية، فاشتراها منه بعضهم، فلما انتصف الليل عند سيدها الجديد، قامت تصيح في الدار: يا قوم، الصلاة.. الصلاة، فقاموا فزعين، وسألوها: هل طلع الفجر؟ فقالت: وأنتم لا تصلون إلا المكتوبة؟!
فلما أصبحت رجعت إلى الحسن بن صالح، وقالت له: لقد بعتني إلى قوم سوء؛ لا يصلون إلا الفريضة، ولا يصومون إلا الفريضة؛ فردني، فردّها.
ثانيًا: أنهم يعلمون أن الامتناع عن اللذات في هذه الدنيا سبب لنيلها في الآخرة، فإن امتناع الصائم عن الأكل، والشرب، والجماع، وسائر المفطَّرات في نهار رمضان طاعةً لله - سبحانه وتعالى- يكون سببًا في حصوله على ألوان الملذات الخالدة في الجنة، فَلِقُوَّة يقين المتقين بذلك؛ يفرحون بقدوم هذا الشهر الكريم.
وعلى النقيض من ذلك حال المنغمسين في الملذات المحرمة في هذه الدنيا؛ فإن انغماسهم فيها يكون سببًا في حرمانهم منها يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، إلا أن يتوب".
وإنما يحرم من شربها يوم القيامة -وإن دخل الجنة-؛ عقابًا له على تمتعه بخمر الدنيا، وهي محرمة عليه، وفي حديث آخر: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة".
ثالثًا: أنهم يدركون أن هذا الشهر من أعظم مواسم الطاعات، والتنافس في القربات، ويعلمون أن الله سبحانه وتعالى يجري فيه من الأجور مالا يجري في غيره من الشهور، فلا غرو أن يفرحوا بقدومه فرح المشتاق بقدوم حبيبه الغائب، أو أعظم من ذلك. هذا هو الصنف الأول من الناس في استقبال شهر رمضان.
الصنف الثاني: الذين يستثقلون هذا الشهر، ويستعظمون مشقته، فإذا نزل بهم فهو كالضيف الثقيل، يعدون ساعاته وأيامه ولياليه، منتظرين رحيله بفارغ الصبر، يفرحون بكل يوم يمضي منه، حتى إذا قرب العيد فرحوا بدنو خروج هذا الشهر، وهؤلاء إنما استثقلوا هذا الشهر الكريم، وتطلعوا إلى انقضائه...
لأسباب منها: أولاً: أنهم اعتادوا على التوسع في الملذات والشهوات: من المآكل، والمشارب، والمناكح، وغيرها، فضلاً عن مقارفتهم للذَّات المحرمة، فوجدوا في هذا الشهر مانعًا وقيدًا يحبسهم عن شهواتهم، ويحول بينهم وبين ملاذّهم؛ فاستثقلوه.
ثانيًا: أنهم قوم عظم تقصيرهم في الطاعات، حتى إن منهم من قد يفرط في الفرائض والواجبات، فإذا جاء هذا الشهر التزموا ببعض الطاعات، فترى بعض المفرطين المقصرين الناكفين، يترددون في هذا الشهر على المساجد، ويشهدون الجمع والجماعات، ويواظبون على الصيام والصلاة كل يوم؛ فبسبب هذا الالتزام الذي لم يألفوه ولم يتـوطنوا عليه؛ اسـتعظموا حِمْلَ هذا الشهر.
ومما يناسب إيراده هنا: ما ذكره ابن رجب وغيره، أن غلامًا سفيهًا، لما أقبل عليه رمضان ضاق به ذرعًا...
وأخذ ينشد: دعاني شهر الصوم - لا كان من شهر- *** ولا صمت شهرًا بعده آخـر الدهـر فلــو كـان يعديني الأنـام بقـــــوة *** على الشهر لاستعديت قومي على الشهر
ومن ذلك ما يتماجن به بعض الشعراء كقول أحدهم عن الخمر: رمضـان ولّـى هاتـها يـا ساقي *** رمضـان ولّـى هاتـها يـا ساقي
وهكذا حال المسرفين الذين يستثقلون رمضان؛ لأنهم سيفارقون ما ألفوا من الشهوات، ويلتزمون ببعض العبادات، هذا مع ضعف يقينهم بما أعده الله - تبارك وتعالى- للمؤمنين، وعدم استحضارهم لفضل هذا الشهر، وما فيه من الأجور العظيمة، فلا عجب ألا يجدوا من اللذة والفرح والسرور بهذا الضيف الكريم ما يجده الصادقون المؤمنون. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: من معاني الصيـام الإثنين أبريل 30, 2018 4:43 pm | |
| من معاني الصيـام
| الوقفة الثالثة من معاني الصيـام ========== للصيام معانٍ ومقاصد عظيمة، لو تأملناها وتفكرنا فيها مليًّا لطال عجبنا منها: المعنى الأول: أن الصوم مرتبط بالإيمان الحق بالله جل وعلا؛ ولذلك جاء أن الصوم عبادة السر، لأن الإنسان بإمكانه ألاّ يصوم إن شاء، سواء بأن يتناول مأكولاً أو مشروبًا، أو بمجرد فقد النية، وإن أمسك طوال النهار.
إذن فالصوم عبادة قلبية سرية بين العبد وربه، فإن امتناع العبد عن المفطرات على الرغم من استطاعته الوصول إليها خفية دليل على استشعاره اليقيني لاطلاع الله تعالى على سرائره وخفاياه، وفي ذلك -بلا ريب- تربية لقوة الإيمان بالله - جل وعلا- وهذا السر الإيماني يجري في سائر العبادات التي يتقرب بها العبد إلى خالقه سبحانه.
انظر إلى الوضوء والغسل، اللذينِ يتطهر بهما العبد من الأحداث، فإن فيهما دلالة على إيمان العبد بأن الله تعالى رقيب عليه؛ مما يحمله على أداء تلك الأمانة السرية بينه وبين ربه، ولو أتى إلى الصلاة بدون طهور لما علم الناس بذلك.
انظر إلى الصلاة، ألا ترى أن المصلي يقرأ في قيامه الفاتحـة، وفي ركوعه يقول: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده يقول: سبحان ربي الأعلى، وفي جلوسه بين السجدتين يقول: رب اغفر لي، وفي التشهد يقول: التحيات لله.. الخ، وكل هذا يقوله سرًا لا يسمعه مجاوره الملتصق به، أتراه لو لم يكن مؤمنًا بعلم الله تعالى بهمسات لسانه، وخواطر ذهنه، ووساوس قلبه، أتراه يدعو ويذكر الله سبحانه وتعالى في صلاته بهذه السرية، التي لا يطّلع عليها إلا ربه –سبحانه-( وَإنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ) [طه: 7].
المعنى الثاني: أن الصيام يربَّي العبد على التطلع إلى الدار الآخرة، حيث يتخلى عن بعض الأمور الدنيوية؛ تطلعًا إلى ما عند الله تعالى من الأجر والثواب؛ لأن مقياسه الذي يقيس به الربح والخسارة مقياس أخروي، فهو يترك الأكل والشرب والملذات في نهار رمضان؛ انتظارًا للجزاء الحسن يوم القيامة، وفي ذلك توطين لقلب الصائم على الإيمان بالآخرة، والتعلق بها، والترفع عن عاجل الملاذ الدنيوية، التي تقود إلى التثاقل إلى الأرض، والإخلاد إليها.
هذا مع ما له في الصـوم من النعيم، والحياة الطيبـة في الدنيـا: من صحـة البدن، وفرح القلب بالطـاعة، والسعادة، وانشراح الصدر بالإيمان.
أما أصحاب المقاييس المادية الدنيوية، فإنهم ينظرون إلى الجانب الدنيوي القريب في الصوم؛ فلا يرونه إلا حرماناً من لذة الأكل والشرب والوقاع، التي تحصل بها سعادة للنفس، وتلبية لحاجات الجسد. ولا ينظر هؤلاء إلى الجانب الأخروي، الذي يمثل الجزاء الحقيقي، والخلود الصحيح؛ مما يعدم أو يضعف في قلوبهم التطلع إلى الآخرة وما فيها من النعيم.
المعنى الثالث: أن في الصيام تحقيقًا للاستسلام والعبودية لله جل وعلا؛ إذ الصوم يربي المسلم على العبودية الحقة، فإذا جاء الليل أكل وشرب؛ امتثالاً لقول ربه الكريم ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ) [البقرة: 187]؛ ولهذا كان مستحبًا أن يأكل الصائم عند الإفطار وعند السحور، وكره الوصال، فالأكل - حينئذ- عبادة لله.
وإذا طلع الفجر أمسك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات؛ امتثالاً لأمر الله تعالى { ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلى الَّيْلِ } [البقرة: 187].
وهكذا يتربى المسلم على كمال العبودية لله، فإذا أمره ربه تعالى بالأكل في وقت معين أكل، وإذا أمره بضد ذلك في وقت آخر امتثل، فالقضية ليست مجرد أذواق وشهوات وأمزجة، وإنما هي طاعة لله تعالى، وتنفيذ لأمره.
وإن العبودية لله سبحانه لهي الحرية الحقيقية، وكمال الحرية في كمال العبودية له تعالى.
ولذلك قال عياض -رحمه الله-: ومــمـــا زادني شــــــرفــًا وتيهـا *** وكـدت بأخمصـي أطأ الثريـا دخولي تحت قولك:"يا عبادي " *** وأن صيَّـرت أحمـد لـي نبيـا
ويقول الآخر: أطعتُ مطامعي؛ فاستعبدتْــني *** ولو أني قنعـتُ لكنـت حـرَّا
وهذا المعنى متحقق في الصلاة والحج وغيرهما، فالعبد في صلاته حينًا يقف، وحينًا يركع، وحينًا يسجد، وحينًا يقعد؛ لأن هذا هو أمر الله ومراده، فيحقق المصلي العبودية بامتثاله.
وفي حجه لا ينهى عن الأكل والشرب، لكنه ينهى عن محظورات أخرى يجب على المحُرِم تجنُّبها: من جماع، ودواعيه، ومن تغطية الرأس، والطيب، وتقليم الأظافر، وقص الشعر.. فيجب عليه تجنبها؛ لأن الله تعالى أراد منه ذلك. ولو امتنع عن شيء لم يمنعه الله منه -كالأكل والشرب-، معتقدًا أن ذلك لأجل الإحرام لكان مبتدعًا، كما أنه لو فعل شيئًا من محظورات الإحرام كان مخطئًا.
فإذا انتهى إحرامه كان مطالبًا بأن يحلق رأسه أو يقصره، وأن يغتسل ويتزين ويتطيب ويقلم أظفاره ( ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُم) [الحج: 29].
هكذا يتربى المؤمن على معنى الاستسلام والعبودية لله تعالى، بحيث يأمره بالشيء؛ فيمتثل، ويأمره بضده؛ فيمتثل، سواء أدرك الحكمة أو لم يدركها.
المعنى الرابع: أن الصوم تربية للمجتمع: وذلك أن الصائم حين يرى الناس من حوله صيامًا كلهم؛ فإن الصوم يكون يسيرًا عليه، ويحس بالتلاحم مع المجتمع الذي يربطه به جانب عبادي، يلتقي عليه الجميع.
إن الذي يقارن بين صوم النافلة وصوم رمضان يجد أن في صوم النافلة شيئًا من الكلفة، بينما يجد أن صوم رمضان المفروض يسير سهل، لا كلفة فيه، ولا مشقة؛ للسبب الذي سلف ذكره، حيث إن الصائم في رمضان لا يرى حوله إلا صائمين مثله، فإن خرج إلى السوق وجد الناس فيه صيامًا، وإن دخل البيت وجد أهله صيامًا، وإن ذهب إلى دراسته أو عمله وجد الناس صيامًا.. وهكذا، فيشعر بمشاركة الجميع له في إمساكه؛ فيكون ذلك عونًا له، ومنسيًا له ما قد يجده من المشقة؛ ولذلك نجد المسلمين الذين يدركهم رمضان في بلاد كافرة دفعتهم الضرورة للذهاب إليها، إما لمرض أو لغيره، نجدهم يعانون مشقة ظاهرة في صيام رمضان؛ لأن المجتمع من حولهم مفطرون، يأكلون ويشربون، وهم مضطرون لمخالطتهم.
إذن، فشعور الصائم بأن الناس من حوله يشاركونه عبادته، يخفف عليه أمر الصوم، ويعينه على تحمله بيسر وسهولة، وهذا الأمر ملحوظ، حتى في المجتمعات التي لم يبق فيها إلا بقايا قليلة للإسلام، فإنك تجد آثار رمضان ظاهرة على الجميع، حتى الفساق في ذلك المجتمع الذي غلـب عليه الفساد يظهر عليهم أثر هذا الشهر الكريم، وفي ذلك تربية للمجتمع بجملته.
ومن هنا كانت عناية الإسلام بإصلاح المجتمعات عناية كبيرة، فالفساد بصفته حوادث فردية، لا مناص من وقوعه في المجتمع، وقد وقع شيء من تلك الحوادث الفردية في مجتمع الصحابة الأطهار، فكان هناك مَن سَرَق، ومَن شرب الخمر، ومَن زنا.. فهذا الأمر لابد من وقوعه، لكن الذي لا يصح أن يقع في المجتمع المسلم هو: أن تعلن المنكرات ويجاهر بها؛ فيتلوث المجتمع العام، ويصبح من العسير على الفرد الذي يريد طريق الخير أن يهتدي؛ لأن المجتمع يضغط عليه، ويثنيه عن غايته.
فتربية المجتمع من مقاصد الإسلام، والصوم من وسائل ذلك، وأثره في ذلك المجال واضح، ولعل من مظاهر ذلك- إضافة إلى ما سبق- أنك تجد صغار السن في المجتمع يصومون، وتجد أهل الفسق يستسرون بالعصيان، وترى الكفار لا يعلنون الأكل والشرب. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: مع فضائل الصيـام الإثنين أبريل 30, 2018 4:51 pm | |
| مع فضائل الصيـام
|
الوقفة الرابعة مع فضائل الصيـام ========== للصيام عدة فضائل منها: أن الصيام جُنة من النار: كما روى الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصوم جنة يستجن بها العبد من النار"، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا".
فإذا كان صوم يوم واحد يباعد وجه الصائم عن النار سبعين عامًا؛ فما بالك بصوم شهر رمضان كله، أو صوم ثلاثة أيام من كل شهر نافلة، أو غير ذلك من أنواع الصيام المشروع؟! إنه لفضل عظيم..
والصوم جنة من الشهوات، فقد جاء في حديث ابن مسعود -المتفق عليه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء"، فأرشد صلى الله عليه وسلم الشاب الذي لا يستطيـع الزواج أن يستعين بالصوم على إطفاء أجيج الشهوة؛ لأن الصوم يجأ الشهوة ويقطعها.
وإن كثيرًا من الشباب اليوم يشتكون من الشهوة، التي يثيرها ما شاع في هذا العصر بخاصة؛ من نساء يتبرجن في الأسواق، ومجلات هابطة في المكتبات والمحلات ، وغير ذلك من الفتن التي تلاحق الشباب في الطائرة، وفي الشارع، وفي المستشفى.. وغيره، والشاب مجبول على ما ركّب الله تعالى فيه من الشهوة الغريزية، التي تتحرك عند وجود ما يثيرها، وبخاصة إذا اجتمع مع ذلك ضعف الوازع الديني..
فإلى هؤلاء الشباب نهدي هذه النصيحة النبوية: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء".
ولقد ثبت بالتجربة جدوى هذا الطب النبوي، الذي يمثل دواء ناجعًا لما يكابده الشباب من الشبق، ويغني عن غيره من الأدوية المادية.
أن الصوم سبيل إلى الجنة: فقد روى النسائي -بسند صحيح- عن أبي أمامه رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، مرني بأمر ينفعني الله به. قال: "عليك بالصيام؛ فإنه لا مثل له"، فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا شيء يقرب العبد من الله، ويباعده من عذابه كالصيام.
بل أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن في الجنة بابًا خاصًا بالصائمين كما في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؛ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد".
ونلاحظ أن اسم هذا الباب يتناسب مع صفة الصائم الذي يصيبه العطش من أثر الصيام.
أن الصيام يشفع لصاحبه: فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيـام والقرآن يشفعـان للعبد يوم القيامـة، يقول الصيام: أي ربَّ، منعته الطعـام والشهوات بالنهار؛ فشفَّعني فيه، ويقول القـرآن: منعتـه النـوم بالليل، فشفعـني فيه. قال: فيشفعان".
فالصوم يتمثل يوم القيامة شيئًا حسيًا، ينطق ويشفع لصاحبه، سواء كان صوم فرض أو صوم نفل.
أن الصوم كفارة ومغفرة للذنوب: فإن الحسنات تُكَفَّرُ السيئات، قال الله تعالى: {إنَّ الحَسَنات يُذْهِبْنَ السَّيئِاتِ } [هود: 114]، والصوم فيه من الحسنات الشيء الكثير.
وفي تكفير الصوم للذنوب وردت أحاديث عدة: منها حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها: الصلاة والصيام والصدقة"، أي أن كل ما يبدر من العبد من أخطاء في حق أهله؛ بكلمة نابية، أو تقصير، ومن أخطاء في حق جيرانه: كل ذلك وما أشبهه من الصغائر تكفرها الصلاة والصوم والصدقة.
وفي الحديث المتفق على صحته
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه"، أي: إيماناً بالله سبحانه وتعالى واحتسابًا للأجر الذي أعدَّه الله - تبارك وتعالى- للصائمين.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتَنَبَ الكبائر"؛ فصوم رمضان سبب لمغفرة الذنوب التي بينه وبين رمضان الذي سبقه، إذا اجتنبت كبائر الذنوب؛ فإن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة -كما هو مذهب جمهور علماء السلف-، ولذلك قال الله تعالـىإِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِرْ عَنكُمْ سَيِئَاتِكُم مُدْخَلاً كَرِيمًا)[النساء: 31].
أن الصوم سبب للسعادة في الدارين: كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه".
أما فرحته عند فطره فهي نموذج للسعادة واللذة التي يجدها المؤمن في الدنيا؛ بسبب طاعته وتقواه لمولاه سبحانه وتعالى، وهي السعادة الحقيقية.
وفرحته عند فطره تأتي من جهتين: الأولى: أن الله تعالى أباح له الأكل والشرب في تلك اللحظة، والنفس -بلا شك- مجبولة على حب الأكل والشرب؛ ولذلك تعبدنا الله -تبارك وتعالى- بالإمساك عنهما.
الثانية: سرورًا بما وفقه الله -تعالى- إليه من إتمام صيام ذلك اليوم، وإكمال تلك العبادة، وهذا أسمى وأعلى من فرحه بإباحة الطعام له.
أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك: وخلوف فمه هو: الرائحة التي تنبعث من المعدة -عند خلوها من الطعام- عن طريق الفم، وهي رائحة مكروهة عند الخلق، لكنها محبوبة عند الخالق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -في الحديث المتفق عليه-: "والذي نفس محمد بيده؛ لخلوف فم الصائم أطيب عند الله مـن ريـح المسك ".
وفي هذا دليل على أنه لا بأس من أن يستاك الصائم بعد الزوال؛ بل هو أمر مستحب -على القول الراجح الصحيح- في المواضع التي يستحب فيها السواك في كل حال: عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند دخول المنـزل، وعند الاستيقاظ من النوم… إلى غير ذلك من المواضع؛ لأن هذا الخلوف ليس من الفم، وإنما هو من المعدة .
وكما أن خلوف فم الصائم المكروه لدى المخلوقين أطيب عند الله -سبحانه- من ريح المسك؛ فكذلك دم الشهيد يوم القيامة له رائحة المسك، مع أن الدم -من حيث هو- مستقذر؛ بل هو نجس عند أكثر الفقهاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما مِن مكلوم يُكْلَم في الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يَدمى، اللون لون دم، والريحُ ريح مسك".
وهكذا فإن ما قد يكون مكروهًا للبشر يكون محبوباً عند الله لأنه من آثار التقرب إليه؛ ولهذا كان بكاء المذنبين، وانطراحهم بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ من أعظم القربات إليه، وربما كان في كثير من الأحيان خيرًا من كثير من العبادات والطاعات التي يدلُّ بها العبد، ويستعظمها في نفسه، وقد يزهى بها، بخلاف المنكسرين الباكين، المحسين بتقصيرهم- وإن كانوا مذنبين-.
وليس شيء أعظم من الدعاء لأن الدعاء يتحقق فيه انكسار العبد وذله، وخضوعه بين يدي ربه، ويظهر فيه فقره، وحاجته إلى فضلـه، وبخاصة حـين يكـون العبـد مضطـرًا { أَمَّن يُجيبُ المُضْطرَّ إذا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ الأَرْضِ } [النمل: 62].
|
| الوقفة الخامسة من فضائل شهر رمضـان ============== بعد أن تحدثنا عن فضائل الصوم -فرضًا كان أو نفلاً- نقف هنا مع فضائل الشهر الكريم:
فهو شهر القران: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءانُ ) [البقرة: 185].
وقوله: ( أُنزِلَ فِيهِ القُرْءانُ ).
يحتمل عدة معان: فقد يكون المراد إنزاله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، كما جاء ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
وقد يكون المقصود أن إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ابتدأ في شهر رمضان؛ ذلك أن القرآن نزل أول ما نزل في ليلة تقابل ليلة القدر، وليلة القدر من رمضان.
وقيل: إن معنى قوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءَانُ ) أي: الذي أنزل القرآن في مدحه، والثناء عليه، وبيان فضله، وإيجاب صيامه.
وأقوى هذه المعاني هو الأول، والمعنى الثاني قريب منه.
وهو شهر الصبر: فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات تجليه في الصوم، حيث يحبس المسلم نفسه: عن الأكل، والشرب، والجماع وغيره في النهار طوال شهر كامل؛ ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، كما يقول الله تعالى: (إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10].
* وفيه تغلق أبواب النيران * وتفتح أبواب الجنان * وتصفد الشياطين ومردة الجن كما جاء في الحديث المتفق عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين" وفي لفظ: "وسلسلت الشياطين"، أي جعلوا في الأصفاد والسلاسل؛ فلا يَصِلون في رمضان إلى ما كانوا يَصِلون إليه في غيره، ولذلك تجد أن وسوسة الشيطان، وكيده، وتلبيسه على الناس في رمضان أقل منه في غيره، بل إن الشيطان يخاف من رمضان كما يخاف من الأذان والإقامة؛ فيوليَّ عند سماعهما.
ولعل من المُشَاهَد الملحوظ
أنه إذا أقبل رمضان بدأ العصاة يستعدون للتوبة، وكثيرًا ما يسأل بعض الناس قبيل رمضان أسئلة تدل على استعدادهم للتوبة؛ وعزمهم عليها، فيقول أحدهم: أنا عندي مظلمة؛ فكيف أتخلص منها؟ ويقول آخر: أنا أقع في المعصية الفلانية؛ فكيف أتوب منها؟ ويقول غيره: أنا أقصر في الطاعة الفلانية؛ فكيف أحافظ عليها؟ وهكذا يتأهبون للتوبة قبل رمضان، فالشيطان يخاف من قدوم رمضان وقربه، حيث يضعف كيده وتأثيره، فما بالك إذا دخل رمضان، وسلسل الشيطان، وصفد بالأغلال، فلا يستطيع إغواء الناس إلا في أقل القليل من الذنوب.
على أن هناك نفوسًا شريرة؛ شديدة التقبل لوسوسة الشيطان، فهي -حتى حين يضعف تأثير الشيطان في رمضان- يكون فيها شر في ذاتها، فتستمر على ما كانت عليه من معصية وإسراف.
وفى هذا الشهر ليلة القدر: التي هي خير من ألف شهر، (لَيْلَةُ الْقْدرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ اجب تَنَـزَّلُ المَلئِكَةُ وَالرُّوحُ فيِهَا بإِذْنِ رَبِهِم مِنْ كُلِ أَمْرٍ احب سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 3- 5].
وقد حسب بعض أهل العلم ألف شهر، فوجدوها تزيد على ثلاث وثمانين سنة، وفي موطأ الإمام مالك -بسند مرسل-: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِيَ أعمار الناس قبله -أو ما شاء الله من ذلك- فكأنه تقاصر أعمار أمته، ألا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر، خير من ألف شهر".
وإنه لفضل عظيم أن يدرك العبد ليلة القدر؛ فيكون قد أدرك فضل ثلاث وثمانين سنة أو أكثر.
وفيه دعاء مستجاب: فقد ورد عن جابر رضي الله عنه -بسند جيد- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لٍلهِ في كل يوم وليلة عُتَقَاءَ من النار في شهر رمضان، وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها فيستجاب"، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما– أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– قال: "إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد"، فليحرص العبد عند إفطاره على التضرع إلى الله تعالى بجوامع الدعاء. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| |
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: رُخَصُ الصـوم الإثنين أبريل 30, 2018 5:01 pm | |
| رُخَصُ الصـوم
|
الوقفة السابعة رُخَصُ الصـوم ======== ثمة رخص عديدة امتن الله بها على الصائمين؛ رفعًا للحرج والمشقة عن العباد، منها: أولاً: من أكل أو شرب ناسيًا، وهو صائم؛ فصومه صحيح، ولا قضاء عليه، وهذا هو الراجح عند جمهور العلماء، خلافًا لمالك -رحمه الله-، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه".
لكن يجب عليه إذا تذكر وفي فمه شيء أن يلفظه، وكذلك يجب على الذي يراه وهو يأكل أن يذكِّره أنه في نهار رمضان؛ لأن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى.
ثانيًا: أن من أصبح جنبًا من جماع أو احتلام في الليل؛ فإنه يصوم ولا شيء عليه، ويغتسل بعد ذلك، أي أنه يصح أن ينوي الصيام وهو جنب، خلافًا لما أفتى به أبو هريرة رضي الله عنه في أول الأمر، فإن هذا كان أول الأمر ثم نسخ.
ثالثًا: السواك بعد الزوال: فإنه مرخص فيه للصائم بعد الزوال، بل هو مستحب في المواضع التي يستحب فيها في سائر الأحوال، وسيأتي حديث مستقل عن هذا الأمر.
رابعًا: المضمضة والاستنشاق، ينبغي ألا يبالغ فيهما؛ خشية أن يصل شيء من الماء إلى حلقه؛ فيفطر بذلك. ففي حديث لقيط بن صبرة صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا"، وفي بعض الروايات: "وبالِغْ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائمًا".
خامسًا: جواز الفطر في نهار رمضان للمسافر، وهو أفضل من الصوم إن كان الصوم يشق عليه، حتى لو كان سفره في الطائرة، أو في سيارة مريحة، أو نحو ذلك. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: أخطاء الصائمين الإثنين أبريل 30, 2018 5:04 pm | |
| أخطاء الصائمين الوقفة الثامنة أخطاء الصائمين ========= لا ريب أن الصائمين من خير عباد الله تعالى، ولكن ثمة أخطاء يقع فيها بعض الصائمين، فلا بد من التنبيه إليها، والتحذير منها...
فمن ذلك: أولاً: أن بعض الناس يقبلون على العبادة في رمضان، ويدعونها في غيره، فترى المساجد تمتلئ في رمضان فقط، بل إن من المحزن أن تراها تمتلئ في وقت المغرب بالذات بشكل أكبر، ويكون ذلك في اليوم الأول أبرز منه في اليوم الثاني، ولا يزال الناس يتناقصون، حتى يكون آخر شهر رمضان مثل غيره من الشهور تقريبًا.
وهذا أمر خطير، وظاهرة مرضية، كأن هذا الصنف لا يعرفون الله إلا في رمضان -والعياذ بالله-.
فيجب على الدعاة، والوُعَّاظ، وأئمة المساجد
أن يستغلوا فرصة خروج أولئك الناس من بيوتهم إلى المساجد؛ لينبهوهم إلى خطورة هذا العمل، وفداحة أمر التهاون بالصلاة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر".
ثانيًا: أن بعض الناس يصومون عن: الأكل، والشرب، والجماع، وغيره من المفطرات، ولا يصومون عن أشياء محرمة: كالغيبة، والنميمة، وقول الزور، وشهادة الزور، والكذب، والسب، والشتم، والغش، والاعتداء… وغير ذلك من المخالفات القولية أو الفعلية.
وهذا لا شك أنه انتكاس في مفهوم الصيام؛ لأن الصوم تربية للصائم، فليس من المعقول أن يربيك الله على الإمساك عن بعض المباح، ثم لا تمسك عن المحرمات.
ولقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لم يدع قول الزُّور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" ولقد ذهب بعض العلماء إلى أن الصائم يفطر بارتكابه لشيء من هذه المحرمات؛ من غيبة ونميمة وغيرها، وممن ذهب إلى ذلك ابن حزم، وقد احتجوا بحديث المرأتين اللتين غلبهما الصيام، فعن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأتين صامتا، وأن رجلاً قال: يا رسول الله، إن هاهنا امرأتين قد صامتا وإنهما قد كادتا أن تموتا من العطش فأعرض عنه، أو سكت، ثم عاد وقال: يا نبي الله، إنهما والله قد ماتتا أو كادتا أن تموتا، قال: ادعهما. قال: فجاءتا، قال: فجيء بقدح أو عس، فقال لإحداهما: قيئي، فقاءت قيحًا أو دمًا وصديدًا ولحمًا، حتى قاءت نصف القدح، ثم قال للأخرى: قيئي، فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط وغيره حتى ملأت القدح، ثم قال: إن هاتين صامتا عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس".
لكن هذا الحديث ضعيف، والصحيح أن الصائم لا يفطر بالغيبة والنميمة ونحوها، لكنه قد ارتكب جرمًا عظيمًا، وخالف مقاصد الصيام.
ثالثًا: أن بعض المتحدثين عن فضائل الصيام، يركزون في حديثهم على الفوائد الدنيوية للصوم؛ كالفوائد الصحية -مثلاً-، وينسون أو يقصرون في تنبيه الناس إلى الجانب الأخروي في الصيام، وأنه عبادة لله تعالى حتى لو فرض أنه كان غير صحي؛ ولهذا فإن المؤمن يخوض المعارك وقد تذهب روحه فيها؛ لأن ذلك طاعة وعبادة لله تعالى.
إذن فليس المقصود الأول من الصوم أن يصح الجسد، ويسلم من الآفات، أو أن يحصل الصائم على منفعة عاجلة، وإنما المقصود التعبد لله تعالى، وتأتي الفوائد الدنيوية تبعًا.
رابعًا: سوء الخلق، فبعض الصائمين يبدو سيئ الخلق؛ بسبب امتناعه عن الأكل والشرب، فتراه قاسيًا فظًا غليظًا على أهله، وعلى الناس الذين يعاملهم ويحتك بهم، يستعمل الألفاظ النابية، ويتصرف تصرفات متشنجة، وهذا خلاف ما يجب أن يكون عليه الصائم من حسن الخلق الذي أوصاه به الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه: "الصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم".
فما بال بعض الناس إذا صام اشتدت أعصابه، وطار صوابه، وطفق يرمي بالعبارات الجافية القاسية أهلَه وأولاده، وجيرانه وزملاءه ومعامليه، وربما كان في غير حال الصوم هادئًا وديعًا، خلوقًا لطيفًا!!
خامسًا: أن بعض الصائمين يتخذ رمضان فرصة للكسل والخمول، في حين أن المسلمين الأوائل كانوا على عكس ذلك، فكثير من المعارك الإسلامية الشهيرة كانت في رمضان.
وبعض الذين يجعلون رمضان فرصة للإكثار من النوم ويحتجون بأحاديث ضعيفة، مثل حديث: "نوم الصائم عبادة"، وعلى فرض صحته فإنه لا يدل على مرادهم، فإن الذي ينبغي للصائم هو أن يغتنم رمضان للاستزادة من العمل الصالح بهمة ونشاط.
سادسًا: التوسع في المآكل والمشارب، فإن كثيرًا من الناس يستعدون لاستقبال شهر رمضان بألوان المطعومات والمشروبات، مما قد لا يعرفونه في غير رمضان، وهذا -بلا ريب- ينافي الحكمة من مشروعية الصيام. فقد جعله الله للقلب والروح
فجعلوه للبطن والمعدة جعله الله للحلم والصبر
فجعلوه للغضب والطيش جعله الله للسكينة والوقار
فجلعوه شهر السباب والشجار جعله الله ليغيروا فيه من صفات أنفسهم
فما غيروا إلا مواعيد أكلهم
جعله الله تهذيباً للغني الطاعم ومواساة للبائس المحروم
فجعلوه معرضاً لفنون الأطعمة والأشربة تزداد فيه تخمة الغني بقدر ما تزداد حسرة الفقير!
فلعل المسلمين يصومون الصيام الذي يعدهم لتقوى الله كما أمر القرآن حتى يخرجوا من رمضان مطهرين مغفوري الذنوب. | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: مع بعض الأحاديث الضعيفة الإثنين أبريل 30, 2018 5:07 pm | |
| مع بعض الأحاديث الضعيفة
مع بعض الأحاديث الضعيفة =============== هناك عدة أحاديث يتداولها الناس في رمضان، وهي ضعيفة لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها:
— حديث: "نوم الصائم عبادة" الذي سلف ذكره قريبًا، وقد رواه ابن منده عن ابن عمر، ورواه البيهقي عن عبد الله بين أبي أوفى، وهو ضعيف، ضعفه الحافظ العراقي في تعليقه على كتاب "إحياء علوم الدين" للغزالي.
— حديث: "من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر لم يجزه صيام الدهر كله ولو صامه".
هذا حديث مشهور على الألسنة: وقد ذكره البخاري تعليقًا، ورواه الأربعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أبي المطوّس عن أبيه عن أبي هريرة، وهو حديث ضعيف، فيه ثلاث علل: فأبو المطوّس هذا مجهول، وفيه احتمال الانقطاع بينه وبين أبي هريرة، وفيه كذلك اضطراب.
— حديث: "صوموا تصحوا"، رواه ابن عدي، والطبراني في معجمه الأوسط، وهو حديث ضعيف، بل لعله ضعيف جدًا.
— حديث: سلمان الفارسي الطويل المشهور، الذي كثيرًا ما قرأه أئمة المساجد على المصلين في مطلع رمضان من بعض كتـب الوعظ والفضائل، وهو ما روي عن سلمان –رضي الله عنه– قال (خطبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم– في آخر يوم من شعبان فقال: "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدّى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة ، كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة ، وشهر المواساة ، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه ، وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء". قالوا. ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم . فقال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن أشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة). وهو حديث ضعيف، في سنده علي بن زيد بن جدعان: وهو ضعيف، بل قال أبو حاتم: هذا حديث منكر، وكذلك نقل غيره تضعيفه عن أئمة آخرين. | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ الإثنين أبريل 30, 2018 5:11 pm | |
| شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ
|
الوقفة العاشرة مع قول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ) ===================== عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألف لام ميم) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه".
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".
وقد أمر الله بتلاوة كتابه، وبين أن هذا هو دأب الصالحين الصادقين، فقال سبحانه: (إِنَّ الذَّيِنَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرَّا وَعَلانِيَة ًيَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ، لِيُوَفيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِه إنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 29، 30].
فقراءة القرآن هي التجارة الرابحة التي لا تبور، وذلك في جميع الدهور، وعلى مدى الأيام والشهور، لكنَّ لها في رمضان شأنًا أعظم وآكد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تزيد عنايته بالقرآن في رمضان. وذلك لأسباب.. السبب الأول: أن ابتداء نزول القرآن كان في رمضان، فإن الليلة التي نزل فيها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الَّذي خَلَقْ ، خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُكَ الأَكْرَمُ ، الذي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ )[العلق: 1- 4] كانت في شهر رمضان.
وقصة نزول جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم جاءت في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها-، أنها قالت:" أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه- وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينـزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملَكُ، فقال: اقرأ، قـال: ما أنا بقارئ.
قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الذي خَلَقْ ، خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُكَ الأَكْرَمُ) [العلق: 1 – 3].
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - فقال: زمَّلوني زمَّلوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلاّ، والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة، حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أومخرجيَّ هم؟" قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصُرْك نصرًا مؤزرًا. ثم لم ينشب ورقة أن تُوفَّي، وفتر الوحي".
هذه الحادثة كانت في رمضان كما هو مقتضى ما ذكره ابن إسحاق، وأبو سليمان الدمشقي، فيما نقله ابن الجوزي في كتابه "زاد المسير في علم التفسير" عند تفسير قول الله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْءَان ُ} [البقرة: 185]. أي: ابتدأ إنزاله فيه.
ويحتمل أيضًا أن يكون هذا هو معنى قول الله تعالى: ( إنَّا أَنزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) [ الدخان: 3]، وقوله تبارك وتعالى: ( إنَّا أَنزَلْناهُ في ليلة القَدْرِ ) [القدر: 1]... إلى آخر السورة، ذلك أن ليلة القدر من رمضان.
السبب الثاني: أن رمضان هو الذي أنزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا. كما جاء ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما-، وكما أطبق السلف على أن القرآن فُصِل من اللوح المحفوظ، وأُنزِل إلى بيت العزة في سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان، ثم كان ينـزل على الرسول صلى الله عليه وسلم نجومًا بحسب الوقائع والأحوال، كما هو معروف في أسباب النـزول.
وقد نقل هذا المعنى عن جماعة من الصحابة، كواثلة بن الأسقع، وعائشة -رضي الله عنهما-، وجاء مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفًا.
ونُقِلَ -أيضًا- أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- لما قتل أبوه -وكان ذلك في رمضان سنة 40هـ- قام فخطب الناس وقال: "لقد قتلتم رجلاً في ليلة نزل فيها القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، ورفع فيها عيسى إلى السماء، وقتل فيها يوشع بن نون، وتيب على بني إسرائيل".
والآثار في ذلك عن السلف كثيرة جدًا وخلاصتها ما تقدم من أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، التي هي من رمضان.
السبب الثالث: أن جبريل كان يأتيه صلى الله عليه وسلم في رمضان فيدارسه القرآن كل ليلة، كما في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة".
وفي العام الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عارضه جبريلُ القرآنَ مرتين.
إذن، فقد كان رمضان بالذات مخصصًا لتدارس القرآن بين جبريل عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم في كل سنة، بحيث يتم في كل رمضان مراجعة ما أُنزل من القرآن فيقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل يستمع إليه، ومن خلال المعارضة يتم إثبات ما أمر الله تعالى بإثباته، ونسخ ما أمر بنسخه ( يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتابِ ) [الرعد: 39].
كما أنه قد يتم – أيضًا- شرح معاني القرآن، وتدارسها بين جبريل والرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد أخذ أهل العلم من ذلك: مشروعية ختم القران في رمضان؛ لأن جبريل والنبي عليهما صلوات الله وسلامه، كانا يُنْهِيَان في كل رمضان ما سبق نزوله من القرآن، وفي آخر سنة أنهياه مرتين بالمدارسة والمعارضة -كما تقدم-، فهذا دليل على أنه يستحب للمسلم أن يقرأ القرآن الكريم كاملاً في رمضان مرة أو أكثر؛ بل إن السُّنة أن يختم القرآن في كل شهر مرة، وإن استطاع ففي كل أسبوع مرة بل إن استطاع ففي كل ثلاث ليال مرة، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك كان السلف يخصصون جزءًا كبيرًا من وقتهم في رمضان لقراءة القرآن، حتى قال الزهري - رحمه الله-: إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام.
وكان الإمام مالك -رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث، وأقبل على قراءة القرآن الكريم من المصحف.
إذن، ففي رمضان أنزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، وفيه ابتدأ إنزال القرآن على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفيه كان جبريل يدارسه القرآن ويعارضه إياه؛ ولهذه الأسباب مجتمعة لابد أن تكون عناية المسلم بالقرآن مضاعفة في هذا الشهر الكريم، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالحين من بعده.
وحول موضوع العناية بالقران أود أن أشير إلى ملحوظات جوهرية: الملحوظة الأولى: أن بعض الناس يظنون أن ختم القرآن مقصود لذاته، فَيَهُذُّ الواحد منهم القرآن هَذَّ الشَّعر، بدون تدبر، ولا خشوع، ولا ترقيق للقلب، ولا وقوف عند المعاني؛ بل همه الوصول إلى آخر السورة أو آخر الجزء، أو آخر المصحف.
ولا شك أن القرآن ليس لهذا أُنزل؛ فإن الله تعالى يقول في هـذا الكتاب الكريم نفسه: ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَتِـهِ ) [ص: 29]، وقال تعالى: ( بوَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتيِلاً ) [المزمل: 4]، وقال تعالى: ( فَبِأيّ حَديث بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) [الأعراف: 185، المرسلات: 50]. ( فَبِأيِ حَدِيث بَعْدَ اللهِ وَءَاياتِهِ يُؤْمِنُونَ ) [الجاثية: 6].
فمن الخطأ أن يحمل أحدَنَا الحماسُ إذا سمع بعض الآثار عن السلف التي تفيد أنهم يختمون القرآن كل يومين مرة، أو كل يوم مرة؛ فيقول: لابد أن أقتدي بهم، ويمضي يهذُّ القرآن هذًّا، غير متمعَّن ولا متدبر، ولا مراعٍ لأحكام التجويد، أو مخارج الحروف الصحيحة.
إن كون العبد يقرأ بعضًا من القرآن: جزءًا، أو حزبًا، أو سورة - بتدبر وتفكر - خير من أن يختم القرآن كاملاً بدون أن يعي شيئًا منه.
وقد ثبت -في الموطأ- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه أخذ في تحصيل سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
وهل كان ابن عمر -رضي الله عنهما- محتاجًا أن يمكث ثماني سنين ليستظهر سورة البقرة؟ كلا، فإن صبيان الكتاب يحفظون القرآن كله في سنة أو سنتين، ولكنه رضي الله عنه استغرق ثماني سنين في سورة البقرة: يحفظها، ويتعلم معانيها، وأحكامها، وناسخها، ومنسوخها، وخاصها، وعامها، ويقف عند ما ورد فيها… إلى غير ذلك، وهذا الذي جعله يفني في ضبطها هذا الوقت الطويل.
الملحوظة الثانية: أن هناك عادات شكلية في قراءة القرآن في بعض البلاد والبيئات، ففي بعض البيئات المصرية -مثلاً- عادة تسمى (المساهر) وكانت موجودة في الماضي بخاصة، ولعلها اندثرت، وهي أن يجلس الناس في شهر رمضان خاصة بعد صلاة التراويح إلى السحور في بيت أحد ذوي اليسار والغنى، فيستأجر لهم قارئًا يقرأ عليهم من كتاب الله، ويرفع الحاضرون أصواتهم بعد قراءة القارئ لكل آية قائلين: الله.. الله، أو: الله يكرمك، ربنا يكرمك.
ولا شك أن هذا العمل مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم من عدة جهات، منها: أولاً: أن قراءة القرآن بالأجر لا أصل لها، وهذا الذي يقرأ القرآن بالأجرة المادية ليس له ثواب عند الله تعالى، مادام قصدُه هذه الأجرة الدنيوية.
ثانيًا: أن جمع الناس بهذه الطريقة لا تتم به الفائدة، وَلأَنْ يقرأ الإنسان وحده؛ ليتدبر ويتمعن ويخشع خير من اجتماع على زعق وضجيج وأصوات، ولقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الذي يذكر الله خاليًا فيبكي، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "ورجل ذكر الله خاليًا؛ ففاضت عيناه".
ثالثًا: أن رفع الأصوات عند قراءة القرآن ليس من سمت المؤمنين، بل هو منكر لا يجوز؛ لأن فيه سوء أدب مع كلام الله تعالى، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك، ولا أصحابه -رضوان الله عليهم-، وإنما كان هديه صلى الله عليه وسلم حسن التأدب مع القرآن، ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليَّ. قال: قلت: أقرأُ عليك، وعليك أُنزِلَ؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. قال: فقرأت (النساء)، حتى إذا بلغت: (فَكَيْفَ إذَا جئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَجِئنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا) [النساء: 41]. قال لي: كُفّ أو أمْسِكْ. فرأيت عينيه تذرفان".
هذا هو الخشوع، والتأثر والاعتبار، وهذا هو الأدب الواجب مع القرآن، فصلى الله وسلم على معلم الناس الخير.
الملحوظة الثالثة: حول ما يسمى (الختمة)، والمراد بها: قراءة القرآن في صلاة التراويح والقيام، ثم الدعاء المعروف عند إتمام القرآن الكريم.
والناس في هذه القضية طرفان ووسط: فمنهم من يقول: إن هذه بدعة، ولا يفصَّل.
ومنهم من يقول: إنها سنة، ويعمل بها بدون تفصيل أيضًا.
والذي أراه صوابًا أنه لابد من التفصيل في ذلك، كما يلي: أولاً: إتمام القرآن الكريم - في صلاة التراويح والقيام -مشروع كما سبق-.
ثانيًا: الدعاء عند ختم القرآن الكريم -أيضًا- مشروع، فقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقرؤا القرآن، وابتغوا به الله من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القِدْح، يتعجلونه ولا يتأجلونه" أي يتعجلوه أجره.
ومن حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عند أحمد والطبراني: "من قرأ القرآن فليسأل الله به...".
وفي سنن الدارمي بسند جيد أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن الكريم جمع أهل بيته فدعا بهم.
إذن، فالدعاء عند ختم القرآن مستحب.
ثالثًا: هذا الدعاء - الذي يقال عند ختم القرآن - إن كان في صلاة فينبغي أن يكون في صلاة الوِتْر، سواء في التراويح أو في القيام؛ وذلك لأن الوتر هو الموضع الذي ثبت شرعًا أنه مكان الدعاء، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقنت في وتره، وعلَّم الحسن -كما في سنن الترمذي بسند حسن- أن يقول في الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذِلُّ من واليت، تباركت ربنا وتعاليت".
إذن، فالسنة أن يكون الدعاء في الوتر سواء كان ذلك قبل الركوع أو بعده، فكلاهما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان أكثر دعائه بعد الركوع.
رابعًا: هذا الدعاء لا مانع من إطالته بمناسبة ختم القرآن، وإضافة أدعية تتعلق بالقرآن الكريم، مثل ما يقول بعض الأئمة: اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم. اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصَّتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل القرآن لنا شفيعًا… إلى غير ذلك من هذه الأدعية، وهذه ملاءمة جيدة.
أما الدعاء الشائع عند الناس، الذي يبدأ بقولهم: "صدق الله العظيم الذي لم يزل عليمًا قديرًا، صدق الله ومن أصدق من الله قيلاً، صدق الله العظيم، وبلَّغ رسولُه الكريم، ونحن على ما قال ربنا من الشاهدين، ولما أوجب وأنزل غير جاحدين.." إلخ؛ فهذا لا أصل له، والأولى تجنُّبه، وبخاصة أنه انتشر عند الناس، حتى ظنه بعضهم من السنن، فلو تركه أحد لأنكروا عليه، وقالوا: خالفْتَ السنة.
ولا ريب أن مما يدخل في المنع أن بعض الناس يزيد في دعاء ختم القرآن مواعظ تتعلق بذكر القبر، وما يقع فيه من عذاب، والصراط، والبعث، والجزاء، والحساب، والجنة والنار وما يقع فيهما.
ولا شك أن هذا ليس محله؛ بل هذا من الاعتداء المنهي عنه، وربما أوصل بعضهم إلى بطلان صلاته؛ لأن هناك من يحول الدعاء إلى موعظة وتذكير.
إذن، فالتفصيل في مسألة الختمة أمر جيد وهو قول وسط بين المانعين بإطلاق أو المجيزين بإطلاق، على أن الأمر لا ينبغي التشديد فيه -فيما يبدو-، فحتى الذين يقرؤون دعاء الختمة في غير الوتر -أي يقرؤونه في صلاة ثنائية من التراويح- يقولون: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الفجر"، كما ثبت ذلك عنه مرات، بل ثبت عنه القنوت في غير صلاة الفجر: في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، في أحاديث عديدة، فيقول هؤلاء: هذا من هذا.. وإن كانت العبادات ليس فيها مجال للقياس، وإنما مبناها على النص والتوقيف. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: مع القيـــــام الإثنين أبريل 30, 2018 5:13 pm | |
| مع القيـــــام
|
الوقفة الحادية عشـرة مع القيـــــــــــــــــــــام ============ كما أن رمضان شهر الصيام، فهو كذلك شهر القيام، وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (يا أيُّها المُزَّمِلُ قُمْ الَّيْلَ إلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً وَرَتّلِ القُرْءَان تَرْتِيلاً إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) [المزمل: 1-5 ].
ويقول سبحانه في صفة عباده المحسنين: (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ الَّيْلِ مَا يَهُجَعُونَ وبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات: 17، 18].
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
وفي سنن الترمذي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفَلَ الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما اسْتَبَنْتُ وجهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيء تكلم به أن قال: "يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"، إذن، ففضل قيام الليل -عمومًا- فضل عظيم، بدلالة تلك النصوص.
وفي قيام رمضان خاصة يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه".
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بأصحابه في رمضان، كما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا؛ فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهّد، ثم قال: " أما بعد، فإنه لم يخفَ عليَّ مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها".
وروى أهل السنن بسند صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئًا منه، حتى بقي سبع ليال، فقام بنا ليلة السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل، ثم كانت الليلة السادسة التي تليها، فلم يقمها، حتى كانت الخامسة التي تليها، ثم قام بنا حتى مضى نحو من شطر الليل. فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه. فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف؛ فإنه يعدل قيام ليلة، ثم كانت الرابعة التي تليها، فلم يقمها، حتى كانت الثالثة التي تليها، قال: فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور. قال: ثم لم يقم بنا شيئًا من بقية الشهر".
وحول قيام رمضان لنا عدة تنبيهات: التنبيه الأول: حول عدد صلاة التراويح: فالناس مختلفون اختلافًا كبيرًا في عددها من إحدى عشرة ركعة إلى تسع وأربعين ركعة، وما بين هذين العددين، والذي يعنينا في هذا المقام أمور، منها: أولاً: كم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
أصح ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ما رواه الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة".
لكنه صلى الله عليه وسلم كان يطيلها ويحسنها، كما ذكرت عائشة -رضي الله عنها- في هذا الحديث نفسه.
ثانياً: ما الذي فعله الصحابة؟ لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم زال الخوف أن تفرض صلاة التراويح؛ فأمر عمر رضي الله عنه المسلمين أن يجتمعوا على الصلاة، حيث دخل المسجد فوجدهم أوزاعًا: يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرجل والرجلان والرهط..؛ فرأى عمر أن يجمعهم على إمام واحد، فأمر أبي بن كعب وتميم بن أوس الداري رضي الله عنهما أن يصليا بالناس.
فكم- يا ترى- صليا بالناس؟ ورد في ذلك روايتان كلتاهما صحيحة، وهما من طريق السائب بن يزيد.
الرواية الأولى: أن عمر رضي الله عنه أمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة.
والرواية الثانية: أن تميم بن أوس الداري وأبي بن كعب -رضي الله عنهما - صليا بالناس إحدى وعشرين، وفي رواية ثلاثًا وعشرين ركعة.
أما رواية إحدى عشرة فهي في موطأ مالك، وسندها صحيح. وأما رواية إحدى وعشرين فهي في مصنف عبد الرزاق، وسندها صحيح أيضًا. وأما رواية ثلاث وعشرين فهي في سنن البيهقي، وسندها صحيح كذلك.
فما الموقف من ذلك؟ بعض أهل العلم حكموا على رواية إحدى وعشرين وثلاث وعشرين بالشذوذ.
ولكن لا داعي للحكم بالشذوذ ما دام الجمع ممكنًا، فنجمع بينها بما جمع به الحافظ ابن حجر -رحمه الله- حيث قال: "إنه يحمل على التنوع والتعدد بحسب الأحوال وحاجة الناس، فأحيانًا كانوا يصلون إحدى عشرة، وأحيانًا إحدى وعشرين، وأحيانًا ثلاثا وعشرين، بحسب نشاط الناس وقوتهم. فإن صلوا إحدى عشرة أطالوا حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام".
وإن صلوا ثلاثًا وعشرين خففوها، بحيث لا يشق ذلك على الناس. وهذا جمع حسن.
وانقدح في نفسي جمع آخر لعله يكون معقولاً أيضًا: وهو أن عمر رضي الله عنه أمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة -وهذا لم تختلف فيه الروايات-، ولكن أبيًّا وتميمًا - رضي الله عنهما - صليا بالناس إحدى وعشرين أو ثلاثًا وعشرين؛ فالأمر من عمر بإحدى عشرة، والفعل منهما كان بإحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، وذلك قد يكون بناء على أمر عرض لهما، رَأَيَا فيه أن المصلحة أن يصليا إحدى وعشرين أو ثلاثا وعشرين؛ لحاجة الناس إلى ذلك، كأن يكون الناس يستطيلون القيام والركوع والسجود وغيره حينما يصلون إحدى عشرة ركعة، فرأوا أن تكون الصلاة إحدى وعشرين، أو ثلاثًا وعشرين ركعة، يخففون فيها القيام، والركوع، والسجود؛ ليكون أمكنَ لهم في العبادة. وهذا الجمع ممكن أيضًا، وبذلك تأتلف النصوص.
وسواء صلَّى الناس إحدى عشرة، أو إحدى وعشرين، أو ثلاثًا وعشرين؛ فإن الأمر الذي ينبغي التنبيه إليه أن ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أنه لا تجوز الزيادة في التراويح على إحدى عشرة ركعة؛ قول ضعيف جدًا، لا ينبغي الالتفات إليه... وذلك لسببين: الأول: لأن الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن صلاة الليل؛ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "مثنى مثنى.." وهذا الأعرابي ما كان يعرف صفة صلاة الليل، فضلاً عن أن يعرف عددها، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلك: مثنى مثنى أي: تسلم من كل ركعتين، ولم يحدد له في ذلك عددًا محدودًا؛ بل أطلق الأمر.
الثاني: أن النوافل المطلقة جائزة على الإطلاق ليلاً ونهارًا، إلا في أوقات النهي، فلو صلى الإنسان قبل الظهر، أو بعد الظهر، أو بعد المغرب، أو بعد العشاء، أو في الضحى ما تيسر له: ركعتين، أو أربعًا، أو عشرًا، أو عشرين؛ فلا بأس، فهذه نوافل مطلقة، وجماهير الأمة - بما فيهم الأئمة الأربعة- على أنها لا تُحدَّ بعدد لا تجوز الزيادة عليه، وإن كان منهم من يقول: إن هناك عددًا أفضل من عدد آخر.
التنبيه الثاني: أن الصلاة عمومًا -بما في ذلك النافلة- إنما شرعت؛ لتهذيب النفوس، وتصفية القلوب وتطهيرها من الحقد والحسد والبغضاء، وجعلها متآخية متحابة متقاربة، وهذا من أعظم مقاصد العبادات، وهذا أمر ملحوظ؛ فإن العبد إذا أقبل على صلاته رقَّ قلبه، وسمت نفسه، فكيف يجوز أو يسوغ شرعًا أو عقلاً أن يكون هذا الأمر الذي شرع لهذه المقاصد السامية مجالاً للخصام والتنافر والتباغض بين بعض طلبة العلم، حينما يسوِّدون الصفحات الكثيرة خصامًا في صلاة التراويح، وهجومًا على بعض، وردًّا على بعض، وتشهيرًا ببعض؟!
كما قد يقع ذلك -أيضًا- من العامة في المساجد إذا دخل رمضان، فهم بين قائل للإمام: صلَّ إحدى عشرة، وقائل: صلَّ عشرين، وقائل: خفف الصلاة، وقائل: أسرع فيها، وقائل: أبطئ.. وهكذا يختلفون على الإمام، وتتحول العبادة التي شرعها الله تعالى لتهذيب الأمة أفرادًا ومجتمعات، ولجمع الكلمة؛ تتحول في هذا الزمان إلى ميدان لأضداد مقاصدها، فنسأل الله أن يرد الأمة إلى الفقه في دينه، والاجتماع عليه.
إن جمع الكلمة، وسلامة القلب، وطهارة النفس، من مقاصد الشرع المُجمع عليها عند جميع المسلمين، أما عدد الركعات فمن المختلف فيه، فكيف نقدِّم العناية بالمختلف فيه على العناية بالمجمع عليه؟
التنبيه الثالث: أن من المهم التوسعة في هذه الأمور على الناس، فإننا نعلم من هدي الإسلام أنه دين يسر وسماحة، ومن نماذج ذلك ما جاء في الحديث المتفق عليه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح، قال: "اذبح ولا حرج". فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال: "ارم ولا حرج". فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج".
فكان صلى الله عليه وسلم يحب التوسعة على أمته، وهذا المسلك نجد علماء أهل السنة يسلكونه عبر العصور، وهكذا يجب علينا في هذا العصر أن نبتعد عن المشقة على الناس في صلاة التراويح وفي غيرها، ومن الابتعاد عن المشقة أن يراعي الإمام حال المأمومين، فإن كان يشق عليهم، -مثلاً- أن يصلي بهم عشرين ركعة؛ فليصل بهم عشرًا، وهذا أوفق وأقرب للسنة.
وإن كان أكثرهم اعتادوا على عشرين ركعة، وهي أخف عليهم من عشر يطول الوقوف فيها؛ فليصل بهم عشرين ولا حرج، إذ ليس ثمة حدٌّ لصلاة التراويح، وإنما الذي تجب مراعاته أن تكون مَثْنى مَثْنى.
فالحاصل: أنه ينبغي مراعاة حال الناس في شأن صلاة التراويح كما تبيَّن، وإن كان الأصل أن يكون العامة تبعًا لعلمائهم وأئمتهم، وطلاب العلم منهم، وليس الأصل أن يفرض العامة على الإمام عدد صلاة التراويح، وإنما يراعى حالهـم؛ إزالة للمشـقة، ودفعًا للخلاف بين المصلين. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: رمضان شهر الجهاد الإثنين أبريل 30, 2018 5:16 pm | |
| | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: رمضان شهر الإنفـاق الإثنين أبريل 30, 2018 5:20 pm | |
| | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: رمضان شهر التوبة الإثنين أبريل 30, 2018 5:22 pm | |
| رمضان شهر التوبة
|
الوقفة الرابعة عشرة رمضان شهر التوبة =========== في رمضان يعود العباد إلى ربهم تعالى، ويقلعون عن الآثام؛ وذلك لسببين: أولهما: جود الله تعالى على عباده، وصفحه وعفوه عنهم في هذا الشهر الكريم، حتى إنه صح أن لله تعالى في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار. ثانيهما: أن الشياطين تصفد وتسلسل إذا جاء رمضان، وتغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنة؛ فيكون العباد قريبين من ربهم.
فرمضان فرصة ثمينة ليتوب فيها العبد، وإن لم يتب فيه فليت شعري متى يتوب؟!
وللتوبة شروط ستة لابد من توافرها؛ لكي تكون التوبة صحيحة صادقة، وهي بإيجاز: أولاً: الإخلاص لله تعالى، بحيث تكون لوجه الله، لا يشوبها مقصد دنيوي.
ثانيًا: أن تكون في زمن الإمكان، أي قبل أن تطلع الشمس من مغربها، وقبل أن تبلغ الروح الحلقوم ويغرغر؛ فإن الله تعالى يقبل توبة العبد مالم يغرغر.
ثالثًا: الإقلاع عن الذنب، فلا يصح أن يدعي العبد التوبة وهو مقيم على معصيته.
رابعًا: الندم على ما مضى، وكم من تائب أكل الندم قلبه أكلاً؛ ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الندم توبة".
خامسًا: العزم على عدم العود إلى الذنب.
سادسًا: إن كان الذنب يتعلق بحقوق المخلوقين وجب رد حقوقهم إليهم، والتحلل منهم، من مال، أو عرض، أو غيرهما. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| |
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: مع الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان الإثنين أبريل 30, 2018 5:31 pm | |
| مع الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان
|
الوقفة السادسة عشرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضـان ========================= حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها عبر ودروس، ومثال حي للقدوة الحسنى، في رمضان وغيره من شهور السنة. فلنلمح إلى شيء من هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان باختصار.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم أول الأمر يصوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض عليه صيام رمضان، وذلك حين قدم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه"؟ قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغَرَّق فرعون وقومه؛ فصامه موسى شكرًا؛ فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فنحن أحق وأَوْلى بموسى منكم". فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر بصيامه.
وقال جماعة من العلماء: إنه كان واجبًا.
وفي الصحيحين من حديث الربيع بنت معوذ -رضي الله عنها- قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: "من كان أصبح صائمًا؛ فليتم صومه. ومن كان أصبح مفطرًا؛ فليتم بقية يومه" أي يمسك بقية يومه.
فكنا بعد ذلك نصومه، ونُصَوِّمُ صبياننا الصغار منهم -إن شاء الله- ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك، حتى يكون عند الإفطار.
- فلما فُرِضَ رمضان كان صوم عاشوراء سُنَّة؛ من شاء صامه، ومن شاء تركه.
وأول ما فرض رمضان كان على التخيير: إن شاء المسلم صام، وإن شاء أفطر وأطعم، حتى أنزلت: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]؛ فألزم الناس بالصيام.
ولكن كان غير جائز لمن نام من الليـل أن يأكـل إذا استيقـظ، فإذا أفطر عند المغرب ثم نام بعد العشاء، فليس له أن يأكل لو استيقظ ليلاً.
روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا، فحضر الإفطـار، فنام قبل أن يفطر؛ لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا! ولكن أَنطلِقُ فأطلبُ لك. وكان يومَهُ يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبةً لك. فلما انتصف النهار غُشِي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنـزلت هذه الآية: ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ) [البقرة:187]؛ ففرحوا بها فرحًا شديدًا، ونزلت: ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُم الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْودِ) [البقرة: 187].
- وصام النبي صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات أولها في السنة الثانية، التي كان فرضه فيها، وكان صلى الله عليه وسلم يكثر في هذا الشهر من العبادة، حتى إنه ربما واصل الصيام يومين أو ثلاثة؛ تفرغًا للعبادة. ولما واصل أصحابه نهاهم، وقال: "إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقيني".
وقد تكلم الإمام ابن القيم في (زاد المعاد) عن هذا الحديث بالتفصيل، وبين معنى قوله يطعمني ربي ويسقيني، فليرجع إليه من شاء.
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر في رمضان من قراءة القرآن -كما سبق بيان ذلك-.
- وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطر، وتأخير السحور، فإنه كان يفطر قبل صلاة المغرب، ثم يصلي. وكان يتسحر فلا يكون بين سحوره وصلاة الفجر إلا وقت يسير.
- وسافر صلى الله عليه وسلم في رمضان عدة أسفار منها سفره لغزوة بدر، وسفره لفتح مكة، وكان صلى الله عليه وسلم ربما صام في سفره، وربما أفطر، ففي صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنا في سفر في يوم شديد الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.
وفي السنن عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر".
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: " أولئك العصاة. أولئك العصاة".
- وكان صلى الله عليه وسلم يزداد جودًا في رمضان -كما تقدم بيان ذلك-.
- ومن الأحكام التي بيَّنها صلى الله عليه وسلم بفعله أنه كان يدركه الفجر وهو جنب، ثم يغتسل ويصوم. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: السواك في رمضان الإثنين أبريل 30, 2018 5:34 pm | |
| | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: وقت المسلم في رمضان الإثنين أبريل 30, 2018 5:37 pm | |
|
الوقفة الثامنة عشرة وقت المسلم في رمضان ============= وقت المسلم -عمومًا- ثمين، وهو في رمضان - بالذات - أثمن وأغلى.
ولذلك وجب التنبيه إلى بعض الأمور المتعلقة بقضاء الوقت في هذا الشهر: الأول: أن بعض الناس يسهرون الليل كله في رمضان، وهذا خطأ، فلابد أن يجعل الشخص لنفسه جزءًا من الليل ينام فيه؛ لأن نوم الليل ليس كنوم النهار، وإن ساعة أو ساعتين ينامهما المرء في الليل لَتُعوَّضَانِ بدنه كثيرًا من الراحة في غيره.
الثاني: أنه ينبغي للمسلم أن يستغل وقته في رمضان في قراءة القرآن، فيقرأ في المصحف، ويقرأ عن ظهر قلب، في المسجد، وفي البيت، وفي السيارة، وفي غير ذلك من المواضع الممكنة. ويحرص على أن يختم القرآن -إن أمكن- كل ثلاثة أيام، أو كل أسبوع، أو كل عشرة أيام، أو على الأقل أن يختمه مرة في شهر رمضان كله، مع أن في ذلك تفريطًا واضحًا.
الثالث: ضرورة تجنب مجالس اللغو، فإن بعض الشباب يجتمعون بعد التراويح على سهرات دورية، يتبادلون فيها الأحاديث، وربما كثر في مجالسهم اللغو، والهزل، والضحك، بل ربما وقعوا في الغيبة والنميمة، وقول الزور... ونحوه، وهذا كله لا يليق بالمسلم في كل حين، وفي هذا الشهر على وجه الخصوص، وإنه لحرمان أن يعمل العبد شيئًا من الحسنات، ثم ينبري لإتلافها بالمعاصي والآثام.
الرابع: أن بعض الشباب يعدّون رمضان فرصة للعب واللهو، فترى مجموعات منهم يذهبون بعد صلاة العشاء، أو بعد التراويح ليلعبوا الكرة، ويضيَّعوا فيها ليلهم كله حتى وقت السحور، وربما كان فرح بعضهم برمضان من أجل هذه الفرصة، وتراهم مستعدين بالأنوار الكاشفة وغيرها من الأسباب.
ولست -بكلامي هذا- أريد أن أمنع من ممارسة الرياضة، إذا كانت بالقدر المعقول، لكنني لا أشك أن قضاء الليل كله في اللعب إهمال وتفريط، وتضييع للوقت.
وإن نوم العبد في الليل أفضل من حال أولئك الشباب، الذين يقضون ليلهم فيما لا فائدة فيه، سواء في لعب الكرة، أو مشاهدة التلفاز الذي يكون فيه من صور النساء، والموسيقى والغناء، والمسلسلات الهدامة؛ مالا ينبغي لحريص على وقته الثمين أن يضيعه فيه، فيخسر أجرًا، ويحمل وِزْرًا.
الخامس: أن كثيرًا من الشباب يقضون معظم نهارهم في النوم؛ وذلك بسبب سوء ترتيبهم لبرنامجهم اليومي، وتفريطهم في الاستزادة من الخير في هذا الموسم الجليل.
وهذه مشكلة عظيمة، يجب على المسلمين تلافيها، فلئن كان الشخص محتاجًا أن يقضي جزءًا من النهار في العمل أو الدراسة؛ فلابد أن يخصص جزءًا من الليل للنوم؛ حتى يستطيع أن يحضر الصلوات مع الجماعة، ويجعل في نهاره وقتًا لتلاوة القرآن، ولغير ذلك من القربات.
وإن من المؤسف أن ترى بعض الموظفين، ينامون في وقت العمل، وبعض الطلاب، ينامون في وقت الدراسة.
فهل الراتب الذي يتقاضاه الموظف من أجل أن ينام على مكتبه، أو من أجل أن يخدم المراجعين، ويسعى في مصالح المسلمين؟!
لا شك أنه من أجل القيام بما كُلَّف به من أعمال، فلا يجوز له أن ينام في وقت عمله.
وإن كان الكثير من الموظفين -بحمد الله- على درجة من الشعور بالمسؤولية والإحساس بالواجب، وحسن معاملة المسلمين في كل وقت، وفي شهر رمضان خاصة، ولكن هذا لا يمنع من التنبيه على خطأ طائفة قليلة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: المرأة في الصلاة الإثنين أبريل 30, 2018 5:39 pm | |
|
|
الوقفة التاسعة عشرة المــــــرأة في رمضان ============ "النساء شقائق الرجال" كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما ثبت للرجال ثبت للنساء، إلا بدليل، فيجب عليهن الصيام، ويستحب لهن الإكثار من تلاوة كتاب الله، والإنفاق في سبيل الله، وقيام الليل، والاجتهاد في الدعاء، وغير ذلك من القربات والطاعات.
بيد أن ثمة أمورًا خاصة بالنساء في رمضان، لعلنا نبين أهمها في هذه الوقفة...
ومن ذلك: أولاً: أن الحائض والنفساء لا تصلي ولا تصوم، ولكنها تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة، كما ثبت من حديث عائشة -رضي الله عنها- الذي سبق إيراده، وهو قولها: "كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة".
ومن الأمور التي قد تخفى على بعض النساء في موضوع الحيض ما يتعلق باستخدام بعضهن لحبوب منع العادة في رمضان، وهذه الحبوب -وإن كنت لا أنصح باستخدامها؛ لأنها تضر في كثير من الحالات- يستعملها بعضهن؛ رغبة في الصلاة والصيام مع المسلمين، أو لأنها تريد أن تعتمر في رمضان، ودورتها تضطرب في رمضان، فتأتيها يومًا، وتذهب يومًا، فتسعى باستعمالها لهذه الأسباب إلى تنظيم العادة، والسلامة من الحرج.
فربما يظن بعضهن أنه يجب عليها قضاء الأيام التي توقفت فيها عنها العادة بسبب هذه الحبوب، ويسأل كثير منهن عن ذلك. والصواب أنه لا قضاء عليها في هذه الحال.
ثانيًا: كثير من النساء يرتدن المساجد من أجل صلاة التراويح، وهذا أمر لا بأس به، وإن كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل، لكن على كل حال إن جاءت إلى المسجد؛ لأنها لا تجيد التلاوة، أو ليكون وجود الجماعة أنشط لها ؛ فلا بأس بذلك، لكن عليها إذا خرجت إلى المسجد أن تخرج إليه بصفة شرعية، فلا يجوز لها أن تخرج وهي متعطرة، أو متجملة.
ولا يجوز أن يخضعن بالقول؛ درءًا للفتنة، ولا أن ترفع صوتها في المسجد؛ فإن ذلك أمر مذموم، وفيه إيذاء للمصلين.
كما يجب عليها إذا خرجت إلى المسجد ألا تغفل عن صبيانها، فقد يتعرضون إذا غفلت عنهم للخطر، من دعس سيارة، أو اختطاف، أوغير ذلك.
وربما يكون بين الصبيان في أثناء لعبهم شباب أكبر منهم سنًا، فقد يفسدهم بعض الخبثاء من أولئك الكبار، إما بإيقاعهم في التدخين، أو في المخدرات، أو الفاحشة، أو غير ذلك من المفاسد.
فمن الخطأ أن تشتغل الأم بنافلة عن فريضة، فإن رعاية أطفالها، والمحافظة عليهم في أخلاقهم وأرواحهم؛ واجبة عليها وعلى أبيهم كذلك.
ثالثًا: من الأخطاء التي ينبغي تحذير المرأة منها دائمًا، وفي رمضان خاصة: الغِيْبة، فإن الغيبة ذنب عظيم، وإثم كبير، بل لقد ذكر القرطبي أن الإجماع قائم على أن الغيبة من كبائر الذنوب، وقد قال الله تعالى: ( أَيحُِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهُتُمُوهُ ) [الحجرات: 12].
رابعًا: أن فرصة وجود المرأة في المسجد حَرِيّةٌ بأن يستثمرها الدعاة والمصلحون في إثارة موضوعات تخص المرأة؛ من أحكام، أو آداب، أو توجيهات، أو مواعظ، فإن النساء قلَّما تصل إليهن المواعظ، وخروجهن في رمضان أمر معروف، فينبغى استغلاله بحيث يكون الحديث موجهًا إليهن، ولو في بعض الأيام على الأقل. |
| |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: العمرة في رمضان الإثنين أبريل 30, 2018 5:53 pm | |
| | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| |
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: لــــيـــــلــــــة الـــــقــــــدر الإثنين أبريل 30, 2018 6:08 pm | |
| لــــيـــــلــــــة الـــــقــــــدر
الوقفة الثالثة والعشـرون ليــــــــــــلة القــــــــــــــدر ============== أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم: (حم وَالْكِتبِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرين فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِندِنَا إنَّا كُنَّا مُرْسِلين رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إنّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الدخان: ا- 6].
أنزل القرآن الكريم في تلك الليلة التي وصفها رب العالمين بأنها "مباركة"، وقد صح عن جماعة من السلف: منهم ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقتادة، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، وغيرهم...؛ أن الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر.
( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ): أي تقدر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والحاج والداج( )، والعزيز والذليل، والجدب والقحط، وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة.
والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر- والله أعلم- أنها: تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما-:"إن الرجل يُرَى يفرش الفرش، ويزرع الزرع، وإنه لفي الأموات"، أي أنه كتب في ليلة القدر أنه من الأموات، وقيل: إن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة.
وفي سورة القدر يقول الله سبحانه وتعالى عن هذه الليلة العظيمة: ( إنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مٍنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَلُ الملائِكَةُ وَالْرُّوحُ فيِها بإِذْنِ رَبِهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ سَلاَمٌ هِيَ مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) [القدر: ا- 5]، فسماها الله تعالى ليلة القدر؛ وذلك لعظيم قدرها، وجلالة مكانتها عند الله - جل وعلا-، ولكثرة مغفرة الذنوب، وستر العيوب فيها، فهي ليلة المغفرة، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه".
وقيل: إنها سميت ليلة القدر؛ لأن المقادير تُقَدَّر وتكتب فيها.
وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت ليلة القدر؛ لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من (القدر) وهو التضييق، قال تعالى: {وَأَمّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: 16] أي: ضيق عليه رزقه.
قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: 2] تنويهًا بشأنها، وإظهارًا لعظمتها.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أي: خير مما يزيد على ثلاث وثمانين سنة- كما سبقت الإشارة إلى ذلك- وهذا فضل عظيم لا يقدر قدره إلا رب العالمين- تبارك وتعالى-.
* تحري ليلة القدر: يستحب تحريها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه خاصةً، وفي الأوتار منها بالذات، أي ليالي: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من رمضان".
وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى". فهي في الأوتار أحرى وأرجى إذن.
وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة. أي في الأوتار.
وفي هذا الحديث دليل على شؤم الخصام والتنازع، وبخاصة في الدين، وأنه سبب في رفع الخير وخفائه.
وليلة القدر في السبع الأواخر أرجى؛ ولذلك جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُرُوا ليلة القدر في المنام، في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر".
وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند أحمد، ومن حديث معاوية رضي الله عنه عند أبي داود؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليلة القدر ليلة سبع وعشرين".
وكونها ليلة سبع وعشرين هو مذهب أكثر الصحابة وجمهور العلماء، حتى إن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه كان يحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زر أنه سئل عن ليلة القدر، فقال: كان عمر وحذيفة وناس من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يشكّون أنها ليلة سبع وعشرين.
ومن الأمور التي استنبط منها أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين: أن كلمة "فيها" من قوله تعالى: ( تَنَـزَّلُ المْلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا) [القدر: 4] هي الكلمة السابعة والعشرون من سورة القدر.
وبعض العلماء استدلوا على أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين بطريقة حسابية، وذلك أن كلمة "ليلة القدر"، تسعة أحرف، وقد ذكرت في السورة ثلاث مرات، فبِضرْب التسعة في الثلاث تكون النتيجة سبعًا وعشرين.
وهذا ليس عليه دليل شرعي، فلا حاجة لمثل هذه الحسابات، فبين أيدينا من الأدلة الشرعية ما يغنينا. ومما يرجح أنها ليلة سبع وعشرين ما ورد : من أن رجلاً رآها ليلة سبع وعشرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم في العشر الأواخر، فاطلبوها في الوتر منها".
لكن كونها ليلة سبع وعشرين أمر غالب- والله أعلم- وليس دائمًا، فقد تكون –أحيانًا- ليلة إحدى وعشرين، كما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه الذي سبق ذكره، وهو حديث متفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد صبيحة إحدى وعشرين في ماء وطين.
* ومما يتعلق بليلة القدر أنه يستحب فيها الإكثار من الدعاء، وبخاصة الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة- رضي الله عنها- حين قالت: "يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عَفُوٌّ تحب العفو فاعف عني".
* العلامات التي تعرف بها ليلة القدر: العلامة الأولى: ثبت في صحيح مسلم من حديث أُبيَّ بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من علاماتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها.
العلامة الثانية: ثبت من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عند ابن خزيمة، ورواه الطيالسي في مسنده، وسنده صحيح؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ليلة القدر ليلة طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها صفيقة حمراء".
العلامة الثالثة: ثبت عند الطبراني بسند حسن من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ليلة القدر ليلة بَلْجَة، لا حارة ولا باردة، لا يرمى فيها بنجم".
هذه ثلاثة أحاديث صحيحة في بيان العلامات الدالة على ليلة القدر.
وهناك حديث رواه أحمد في مسنده عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وسنده صحيح، إلا ما يخشى من انقطاعه، لكن يشهد له ما سبق، وهو حديث طويل وعجيب، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنها: "صافية بلجة كأن فيها قمرًا ساطعًا، ساكنة ساجية لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمَى به فيها، حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ".
وقد ذكر بعض أهل العلم علامات أخرى، لا أصل لها، وليست بصحيحة، وإنما أذكرها؛ لأنبه إلى عدم صحتها: ذكر الطبري أن قومًا قالوا: إن من علاماتها أن الأشجار تسقط حتى تصل إلى الأرض، ثم تعود إلى أوضاعها الأصلية. وهذا لا يصح.
وذكر بعضهم أن المياه المالحة تصبح في ليلة القدر حلوة، وهذا لا يصح.
وذكر بعضهم أن الكلاب لا تنبح فيها، وهذا لا يصح.
وذكر آخرون أن الأنوار تكون في كل مكان، حتى في الأماكن المظلمة، في تلك الليلة، وهذا لا يصح.
* ونختم الحديث عن ليلة القدر بالأمرين التاليين: الأول: ينبغي أن يعلم أنه لا يلزم أن يعلم من أدرك ليلة القدر أنه أدركها، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص، سواء علم بها أو لم يعلم.
وقد يكون من الذين لم يعلموا بها، لكنهم اجتهدوا في العبادة والخشوع، والبكاء والدعاء؛ قد يكون مِنْهم مَنْ هم أفضل عند الله تعالى، وأعظم درجة ومنـزلة ممن عرفوا تلك الليلة.
الثاني: أن ليلة القدر ليست خاصة بهذه الأمة على الراجح، بل هي عامة لهذه الأمة، وللأمم السابقة، فقد روى النسائي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله هل تكون ليلة القدر مع الأنبياء، فإذا ماتوا رفعت؟ قـال صلى الله عليه وسلم : "كلا، بل هي باقية".
وهذا الحديث أصح من الحديث الذي رواه مالك في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم أُري أعمار أمته، فكأنه تقالَّها، فأعطي ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر -وقد تقدم ذكر هذا الحديث-.
وعلى فرض صحة هذا الحديث فهو قابل للتأويل، وأما حديث أبي ذر رضي الله عنه فهو صريح في أن ليلة القدر تكون مع الأنبياء. ومما يقوي ذلك قول الله تعالى: (إِنَّا أنـزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) [القدر: 1].
فمن المعلوم أن القرآن يوم أُنْزِل أُنزِلْ بالنبوة على محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن قبل ذلك نبيًا، حتى تكون تلك الليلة ليلة القدر في حقه. | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: مـع العيـد الإثنين أبريل 30, 2018 6:12 pm | |
| | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| |
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| |
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: صيام الست من شوال الإثنين أبريل 30, 2018 6:21 pm | |
| صيام الست من شوال الوقفة السابعة والعشرون صيام الست من شوال ========= يُشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال، وفي ذلك فضل عظيم، وأجر كبير، كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال؛ كان كصيام الدهر".
وهذا المعنى جاء عند الدرامي، وابن ماجه، من حديث ثوبان رضي الله عنه، وجاء عند أحمد من حديث جابر رضي الله عنه، وعند البزار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وكل هذه الأحاديث تدل على مشروعية صيام الست من شوال، وهذا هو الصحيح، وهو مذهب الجماهير، خلافًا لمالك -رحمه الله-.
وإنما كان صيام الست من شوال مع صيام رمضان كصيام الدهر؛ لأن رمضان عن عشرة أشهر؛ حيث إن الحسنة بعشر أمثالها، وعشرة أشهر مع شهرين حولٌ كامل، وتستحب المبادرة بصيام الست من شوال، بحيث يبدأ بها من اليوم الثاني من الشهر، ولا حرج في عدم المبادرة، فلو أخَّرها إلى وسط الشهر أو آخره فلا بأس.
ولا يصومها مَنْ كان عليه قضاء من رمضان حتى ينهي ذلك القضاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال" وهذا معناه أن صيام الست من شوال إنما يكون بعد إنهاء صوم رمضان كله.
وختامًا أنبه إلى أن بعض الناس يسمون اليوم الثامن من شوال "عيد الأبرار"، وهذه بدعة باطلة منكرة، فإن أعياد المسلمين اثنان لا ثالث لهما -كما تقدم-. | |
|
| |
Noraan Admin
عدد المساهمات : 4529 تاريخ التسجيل : 27/11/2015 الموقع :
| موضوع: مع صيام النفـل الإثنين أبريل 30, 2018 6:23 pm | |
| | |
|
| |
| النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان (ثلاثون درساً) | |
|